قُلْت: لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ كَالْمُشْكِلِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّنْوِيرِ وَالدُّرَرِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهَا.
فَلْيُحْفَظْ اهـ.
قُلْت: نَقَلَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ لِلتَّيَقُّنِ بِكَذِبِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَيُتْرَكُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ.
وَقَالَ: وَمُحَصِّلُهُ اخْتِلَافُ التَّصْحِيح اهـ.
قَالَ الْمولى عبد الْحَلِيم، بل اللَّائِق على المُصَنّف أَن يَقُول هَكَذَا: وَإِن أشكل أَو خَالف الْوَقْتَيْنِ فَلَهُمَا إِن لم يكن فِي يَد أَحدهمَا فَقَط، وَإِلَّا فَلَا.
وَاعْلَم أَن سنّ الدَّابَّة لَو خَالف الْوَقْتَيْنِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَة يقْضِي لَهما، وَفِي رِوَايَة تبطل الْبَيِّنَتَانِ، صرح بِهِ الامام قاضيخان فِي فَتَاوَاهُ من غير تَرْجِيح إِحْدَاهمَا على الاخرى، وبطلانهما رِوَايَة أبي اللَّيْث الْخَوَارِزْمِيّ.
وَاخْتَارَهُ الْحَاكِم الشَّهِيد حَيْثُ قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيح، وَتَبعهُ صَاحب الْهِدَايَة وَمن تَابعه، وَالْقَضَاء بَينهمَا ظَاهر الرِّوَايَة.
اخْتَارَهُ فِي الْمَبْسُوط حَيْثُ قَالَ وَهُوَ الاصح، وَتَبعهُ الزَّيْلَعِيّ وَمن تَابعه.
وَقد اخْتلف التَّصْحِيح والرجحان لظَاهِر الرِّوَايَة وَقد سبق غير مرّة.
هَذَا زبدة مَا فِي الشُّرُوح والفتاوي، فَظهر أَن المُصَنّف اخْتَار مَا هُوَ الارجح اهـ.
قَوْله: (برهن أحد الخارجين) على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَهُوَ زيد.
قَوْلُهُ: (مِنْ زَيْدٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ عَلَى الْغَصْبِ مِنْ يَدِهِ أَيْ مِنْ يَدِ أَحَدِ الْخَارِجِينَ.
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَالْمِنَحُ: مَعْنَاهُ إذَا كَانَ عَيْنٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ رَجُلَانِ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَحَدُهُمَا بِالْغَصْبِ مِنْهُ وَالْآخَرُ بالوديعة اسْتَوَتْ دَعْوَاهُمَا حَتَّى يُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ تَصِيرُ
غَصْبًا بِالْجُحُودِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ مَدَنِيٌّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ عَلَى الْغَصْبِ النَّاشِئِ مِنْ زَيْدٍ فَزَيْدٌ هُوَ الْغَاصِبُ، فَمِنْ لَيْسَتْ صِلَةَ الْغَصْبِ بَلْ ابْتِدَائِيَّةٌ.
تَأَمَّلْ.
قَوْله: (وَالْآخر) أَي برهن الآخر.
قَوْله: (على الْوَدِيعَة مِنْهُ) أَي قَالَ الآخر هُوَ مَالِي أودعته من زيد وَزيد يُنكر ذَلِك.
قَوْله: (اسْتَويَا) أَي الخارجان فِي الدَّعْوَى، لانه لَو كَانَ كَمَا يَدعِي الثَّانِي وَدِيعَة من زيد صَارَت غصبا حَيْثُ جَحدهَا الْمُودع، وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِح لانها أَي الْوَدِيعَة بالجحد تصير غصبا حَتَّى يجب عَلَيْهِ الضَّمَان، وَلَا يسْقط بِالرُّجُوعِ إِلَى الْوِفَاق بالاقرار حَتَّى يرد إِلَى صَاحبه، بِخِلَاف مَا إِذا خَالف بِالْفِعْلِ بِلَا جحود ثمَّ عَاد إِلَى الْوِفَاق كَمَا فِي الْحَمَوِيّ، فَمن فِي.
قَوْله: (من زيد) للابتداء وَفِي
قَوْله: (مِنْهُ) صلَة الْوَدِيعَة لانها تتعدى بِمن، وَإِنَّمَا احْتَاجَ إِلَيْهَا فِي الاول لَان الْغَصْب محلى بأل فِي عبارَة المُصَنّف فَلم يُمكنهُ إِضَافَته إِلَى زيد، وَحِينَئِذٍ فَمَا نَقله بعض الافاضل عَن عزمي زَاده من أَن هَذَا التَّصْوِير سَهْو، والاولى إِسْقَاطه فِيهِ مَا فِيهِ فَرَاجعه.
قَوْله: (النَّاس أَحْرَار) لَان الدَّار دَار الْحُرِّيَّة أَو لانهم أَوْلَاد آدم وحواء عَلَيْهِمَا السَّلَام وَقد كَانَا حُرَّيْنِ.
قَوْله: (الشَّهَادَة) أَي فَلَا يَكْتَفِي فِيهَا بِظَاهِر الْحُرِّيَّة بل يسْأَل عَنهُ إِذا طعن الْخصم بِالرّقِّ، أما إِذا لم يطعن فَلَا يسْأَل كَمَا فِي التَّبْيِين، لَان الْحُرِّيَّة تثبت بطرِيق الظُّهُور وَالظَّاهِر يصلح للدَّفْع لَا للاستحقاق، فَلَا يسْتَحق الْمُدَّعِي إِلْزَام الْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِلَّا بِإِثْبَات حريَّة شُهُوده، وَكَذَا لَا يسْتَحق الشَّاهِد اسْتِحْقَاق الْولَايَة على الْمَشْهُود عَلَيْهِ ونفاذ شَهَادَته عَلَيْهِ إِلَّا بذلك، فَإِن قَالَ الشُّهُود نَحن أَحْرَار لم نملك قطّ لم يقبل قَوْلهمَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى قبُول شَهَادَتهمَا حَتَّى يأتيا بِالْبَيِّنَةِ على ذَلِك وَإِلَّا فهما مصدقان فِي قَوْلهمَا إِنَّا أَحْرَار لم نملك قطّ بِحَسب الظَّاهِر.
وَفِي أبي السُّعُود على الاشباه تَفْسِيره فِي الشَّهَادَة: إِذا شهد شَاهِدَانِ لرجل بِحَق من الْحُقُوق فَقَالَ الْمَشْهُود عَلَيْهِ هما عَبْدَانِ وَإِنِّي لَا أقبل شَهَادَتهمَا حَتَّى أعلم أَنَّهُمَا حران.