للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَفْسِيره فِي الْحَد: إِذا قذف إنْسَانا ثمَّ زعم الْقَاذِف أَن الْمَقْذُوف عبد فَإِنَّهُ لَا يحد الْقَاذِف حَتَّى يثبت الْمَقْذُوف حُرِّيَّته بِالْحجَّةِ.

وَفِي الْقصاص: إِذا قطع يَد إِنْسَان وَزعم الْقَاطِع أَن الْمَقْطُوع يَده عبد فَإِنَّهُ لَا يقْضِي بِالْقصاصِ حَتَّى يثبت حُرِّيَّته.

وَفِي الدِّيَة: إِذا قتل إنْسَانا خطأ وَزَعَمت الْعَاقِلَة أَنه عبد

فَإِنَّهُ لَا يقْضِي عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ حَتَّى تقوم الْبَيِّنَة على حُرِّيَّته.

وَفِي البيري: لَو كَانَ الْمُدَّعِي بِهِ حدا أَو قصاصا سَأَلَ القَاضِي عَنْهُم طعن الْخصم أَولا بالاجماع اهـ.

لَان فِي الْقَذْف: أَي مثلا إِلْزَام الْحَد على الْقَاذِف، وَفِي الْقصاص إِيجَاب الْعقُوبَة على الْقَاطِع، وَفِي الْقَتْل خطأ إِيجَاب الدِّيَة على الْعَاقِلَة، وَذَلِكَ لَا يجوز إِلَّا بِاعْتِبَار حريَّة الشَّاهِد، فَمَا لم تثبت الْحُرِّيَّة بِالْحجَّةِ لَا يجوز الْقَضَاء بشئ من ذَلِك ط.

مطلب: الاصل فِي النَّاس الْفقر والرشد والامانة وَالْعَدَالَة وَإِنَّمَا على القَاضِي أَن يسْأَل عَن الشُّهُود سرا وعلنا قَالَ الْحَمَوِيّ: وَقد سُئِلَ شيخ مَشَايِخنَا الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ الْعَبَّادِيّ: هَل الاصل فِي النَّاس الرشد أَو السَّفه، وَهل الاصل فِي النَّاس الْفقر أَو الْغنى، وَهل الاصل فِي النَّاس الامانة أَو الْخِيَانَة، وَهل الاصل فِي النَّاس الْجرْح أَو التَّعْدِيل؟ فَأجَاب: الاصل الرشد والفقر والامانة وَالْعَدَالَة، وَإِنَّمَا على القَاضِي أَن يسْأَل عَن الشُّهُود سرا وعلنا لَان الْقَضَاء مَبْنِيّ على الْحجَّة وَهِي شَهَادَة الْعدْل فيتعرف عَن الْعَدَالَة، وَفِيه صون قَضَائِهِ عَن لبُطْلَان، وَالله تَعَالَى أعلم.

وَفِي قَوْله صون قَضَائِهِ عَن الْبطلَان نظر، فتدبره اهـ.

وَوَجهه أَنه إِذا قضى بِشَهَادَة الْفَاسِق يَصح قَضَاؤُهُ.

مطلب: منع السُّلْطَان عَن نصْرَة قُضَاته عَن الحكم بِشَهَادَة الشُّهُود إِلَّا بعد التَّزْكِيَة سرا وَعَلَانِيَة لَكِن فِي زَمَاننَا قد تكَرر أَمر السُّلْطَان نَصره الله تَعَالَى فِي منع قُضَاته فِي سَائِر مَمْلَكَته أَن يحكموا بعد الشَّهَادَة بِدُونِ تَزْكِيَة السِّرّ وَالْعَلَانِيَة، فَافْهَم.

قَوْله: (وَالْحُدُود) فَلَو أنكر الْقَاذِف حريَّة الْمَقْذُوف لَا يحد حَتَّى يثبت حُرِّيَّته لانه لَا يسْتَحق عَلَيْهِ الْحَد إِلَّا بِالْحُرِّيَّةِ، وَالظَّاهِر لَا يَكْفِي للاستحقاق، ولان الْحُدُود تدرأ بِالشُّبُهَاتِ فيحتاط فِي إِثْبَاتهَا، وَلَا تنس مَا قدمْنَاهُ عَن البيري.

قَوْله: (وَالْقصاص) أَي فِي الاطراف، فَلَو أنكر الْقَاطِع حريَّة الْمَقْطُوع لَا يقطع حَتَّى يثبت حُرِّيَّته، لانه لَا يسْتَحق عَلَيْهِ الْقطع إِلَّا بِالْحُرِّيَّةِ إِذْ لَا قصاص بَين طرفِي حر وَعبد، لَان الاطراف يسْلك بهَا مَسْلَك الاموال.

قَوْله: (وَالْقَتْل) أَي خطأ فَلَا تثبت الدِّيَة

على الْعَاقِلَة حَتَّى تثبت حريَّة الْقَاتِل لانه يُرِيد اسْتِحْقَاق الْعقل عَلَيْهِ فَلَا يثبت بِظَاهِر الْحُرِّيَّة، وَلذَا وَقع فِي نُسْخَة الْعقل: يَعْنِي لَا يثبت الْعقل إِلَّا بعد ثُبُوت الْحُرِّيَّة، وَهُوَ معنى عبارَة الاشباه من

قَوْله: (وَالدية) .

قَوْله: (وَفِي نُسْخَة الْعقل) هُوَ فِي معنى الاول: يَعْنِي لَا يثبت الْعقل إِلَّا بعد ثُبُوت الْحُرِّيَّة، وَلَو قَالَ فِي الْحُرِّيَّة وَعدمهَا لَكَانَ أوضح.

قَوْله: (وَعبارَة الاشباه وَالدِّيَةُ) الثَّلَاثُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الْمَالِ.

قَوْلُهُ: (أحر أم لَا) .

بَيَان لوجه جَهَالَة حَاله.

وَلَو قَالَ فِي الْحُرِّيَّة وَعدمهَا لَكَانَ أوضح.

قَوْله: (لتمسكه بالاصل) أَي وَهُوَ دَافع، وَظَاهر الْحَال يَكْفِي للدَّفْع عَيْني.

قَوْله: (واللابس للثوب الخ) شُرُوع فِي مسَائِل يصدق فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>