وَمِنْهَا: مَا هُوَ جَائِز بالِاتِّفَاقِ أَيْضا، وَهُوَ مَا إِذا كَانَ لَهُ جُذُوع ولشريكه أَكثر مِنْهَا فَلهُ الْمُسَاوَاة بِاتِّفَاق كلماتهم، كَمَا ستطلع عَلَيْهِ قَرِيبا إِن شَاءَ الله تَعَالَى، كَذَا قَالُوا.
وَأَقُول: هَذِه الْمَسْأَلَة، وَهِي مَا إِذا كَانَت حمولته محدثة يَنْبَغِي أَن تكون عين الْمَسْأَلَة الاولى الْجَائِزَة بالانفاق، فَتَأمل.
وَمِنْهَا: مَا هُوَ مُقَيّد على قَول وَالرَّاجِح الاطلاق، وَهِي مَا إِذا كَانَ لاحدهما عَلَيْهِ حمولة وَلَيْسَ للْآخر ذَلِك فَأَرَادَ أَن يحدث حمولة فالمرجح لَهُ أَن يحدث إِذا كَانَ الْحَائِط يحْتَمل ذَلِك.
وَقَالَ بَعضهم فِي هَذِه الصُّورَة: إِن كَانَت حمولة صَاحبه محدثة فَلهُ ذَلِك، وَإِن كَانَت قديمَة فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك.
ثمَّ فِي هَذِه الصُّورَة على الرَّاجِح قد صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إِن كَانَ الْحَائِط لَا يحْتَمل حمولتين يُؤمر الآخر بِرَفْع حمولته لتحصل التَّسْوِيَة مَعَ صَاحبه أَو بِرَفْع الْبَعْض لتمكن شَرِيكه من الْحمل فَهُوَ كالمهايأة.
وَمِنْهَا: مَا هُوَ مُقَيّد بِعَدَمِ الْمضرَّة، وَهُوَ مَا إِذا كَانَ لَهما عَلَيْهِ حمولة وحمولة أَحدهمَا أَسْفَل من حمولة الآخر فَأَرَادَ هُوَ أَن يرفع حمولته ويضعها بِإِزَاءِ حمولة صَاحبه فَلهُ ذَلِك وَلَيْسَ لصَاحبه مَنعه، وَكَذَا لَو كَانَت حمولة أَحدهمَا فِي وسط الْجِدَار وحمولة الآخر فِي أَعْلَاهُ فَأَرَادَ أَن يضع حمولته فِي أَعلَى الْجِدَار لَهُ ذَلِك إِذا لم يدْخل على الاعلى مضرَّة، وَكَذَا إِذا أَرَادَ أَن يسفل الْجُذُوع، وَقَيده بَعضهم بِمَا إِذا انْهَدم أَو هدماه، لانه إِذا يحصل ذَلِك يحصل مضرَّة وَلَا بُد، والمدار فِي أَجنَاس هَذَا على عدم الضَّرَر.
وَمِنْهَا: مَا هُوَ مُخْتَلف فِيهِ وَهُوَ التعلي، وَهُوَ أَن يزِيد فِي أَعلَى الْجِدَار فِي هَوَاء الْمُشْتَرك كَانَ للْآخر مَنعه لانه تصرف فِي شئ مُشْتَرك، وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَن مُحَمَّد، وَقيل لَا يمْنَع.
أَقُول وَالْحَاصِل: أَن فِي مَسْأَلَة التعلي ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا: لَهُ التعلي مُطلقًا.
ثَانِيهَا: لَهُ بِمَا إِذا لم يكن خَارِجا عَن الرَّسْم الْمُعْتَاد، وَاعْتَمدهُ ابْن الشّحْنَة والشرنبلالي.
ثَالِثهَا: الْمَنْع مُطلقًا، وَاعْتَمدهُ
قاضيخان وَاقْتصر عَلَيْهِ فِي الْخَيْرِيَّة فَكَانَ عَلَيْهِ الِاعْتِمَاد، وبالعمل بِهِ صدر الامر السلطاني وَجرى عَلَيْهِ فِي الْمجلة فِي مَادَّة ألف وَمِائَتَيْنِ وَعشرَة.
قَالَ فِي الذَّخِيرَة: إِذا كَانَ الْحَائِط بَين رجلَيْنِ وَلَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا فَأَرَادَ أَحدهمَا أَن يضع عَلَيْهِ خشبا لَهُ ذَلِك، وَلَا يكون لصَاحبه أَن يمنعهُ عَن ذَلِك وَلَكِن يُقَال أَنْت ضع مثل ذَلِك إِن شِئْت، هَكَذَا حكى الامام النَّيْسَابُورِي.
وَكَانَ بَين هَذَا وَبَين مَا إذَا كَانَ لَهُمَا عَلَيْهِ خَشَبٌ فَأَرَادَ أَحدهمَا أَن يزِيد عَلَيْهِ خشبا على خشب صَاحبه وَأَرَادَ أَن يتَّخذ سترا أَو يفتح كوَّة أَو بَابا حَيْثُ لَا يكون لَهُ ذَلِك إِلَّا بِإِذن صَاحبه وَكَانَ لصَاحبه ولَايَة الْمَنْع.
وَالْفرق أَن الْقيَاس أَن لَا يكون لَهُ ولَايَة وضع الْخشب من غير إِذن شَرِيكه لانه تصرف فِي شئ مُشْتَرك، إِلَّا إِذا تركنَا الْقيَاس لضَرُورَة أَنا لَو منعناه عَن وضع الْخشب من غير إِذن شَرِيكه رُبمَا لَا يَأْذَن لَهُ شَرِيكه فِي ذَلِك، فتتعطل عَلَيْهِ مَنْفَعَة الْحَائِط.
وَهَذِه الصُّورَة مَعْدُومَة فِي زِيَادَة الْخشب وَفتح