للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أَي سَوَاء كَانَت حمولة صَاحبه محدثة أَو قديمَة، أَلا ترى أَن أَصْحَابنَا قَالُوا فِي كتاب الصُّلْح: لَو كَانَ جُذُوع أَحدهمَا أَكثر فللآخر أَن يزِيد فِي جذوعه إِن كَانَ يحْتَمل ذَلِك، وَلم يشترطوا لَا قَدِيما وَلَا حَدِيثا.

وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم: فِي حَائِط بَين رجلَيْنِ لاحدهما عَلَيْهِ جُذُوع فَأَرَادَ الآخر أَن ينصب عَلَيْهِ جذوعا فَمَنعه من ذَلِك صَاحبه والجدار لَا يحْتَمل ذَلِك: أَي الحملين يُقَال لصَاحب الْجُذُوع إِن شِئْت فحط حملك لتستوي مَعَ صَاحبك ك، وَإِن شِئْت فحط عَنهُ مَا يُمكن شريكك من الْحمل، لَان الْبناء الَّذِي عَلَيْهِ إِن كَانَ بِغَيْر رضَا صَاحبه فَهُوَ مُعْتَد ظَالِم، وَإِن كَانَ بِإِذن صَاحبه فَهُوَ عَارِية، أَلا يرى أَن دَارا بَين رجلَيْنِ وَأَحَدهمَا ساكنها، فَأَرَادَ الآخر أَن يسكن مَعَه وَالدَّار لَا تسع لسكنهما فَإِنَّهُمَا يتهايان بهَا، كَذَا هُنَا قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث: وروينا عَن أبي بكر خلاف هَذَا، وَبقول أبي الْقَاسِم نَأْخُذ.

وَوجه الْقَائِل بِالْمَنْعِ الْفرق، لجَوَاز أَن يكون هَذَا مُسْتَحقّا لاحدهما من أصل الْملك وَذَلِكَ حَال الْقِسْمَة بِأَن يَقع الْحَائِط بِنَصِيب أَحدهمَا وَيكون للْآخر عَلَيْهِ حق الْخشب، أما تِلْكَ الْمَسْأَلَة وَهِي مَا لَو كَانَ لكل وَاحِد مِنْهُمَا عَلَيْهِ خشبات فَفِيهَا دلّ على أَن التَّصَرُّف فِي الِابْتِدَاء ثَبت لَهما فَيثبت بعد ذَلِك لَهما.

كَذَا فِي شرح الْوَهْبَانِيَّة لِابْنِ الشّحْنَة.

أَقُول: وَمُقْتَضى كَلَامه أَن الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة اتفاقية، فَافْهَم.

وَالْحَاصِل: أَن كلا الشَّرِيكَيْنِ إِذا لم يكن لَهما عَلَيْهِ حمولة صَاحبه كَانَ لكل وَاحِد مِنْهَا وضع حمولة بِلَا إِذن شَرِيكه اتِّفَاقًا، وَأَن أحد الشَّرِيكَيْنِ إِذا كَانَ لَهُ حمولة أنقص من حمولة صَاحبه كَانَ لَهُ الْمُسَاوَاة اتِّفَاقًا أَيْضا، وَأَن أحد الشَّرِيكَيْنِ إِذا كَانَ لَهُ حمولة وَالثَّانِي لَا حمولة لَهُ كَانَ لَهُ أَن يُسَاوِي مَعَ صَاحبه، على مَا رَجحه أَبُو اللَّيْث والحسام الشَّهِيد قِيَاسا على الْمَسْأَلَة الاتفاقية كَمَا تقدم، وَأَن أحد الشَّرِيكَيْنِ إِذا أَرَادَ أَن يسفل الْجُذُوع أَو يعليها أَو يتوسط بهَا للمساواة عِنْد عدم الضَّرَر لَهُ ذَلِك، وَأَن أحد الشَّرِيكَيْنِ إِذا أَرَادَ أَن يعلي بِأَن يزِيد فِي الْجِدَار فِي هَوَاء مُشْتَرك لم يكن للْآخر مَنعه، والمروي عَن مُحَمَّد لَهُ الْمَنْع، وَلذَا قدمه ابْن وهبان فِي الْمَنْظُومَة بقوله:

وَمَا لِشَرِيكٍ أَنْ يُعَلِّيَ حَيْطَهُ وَقِيلَ التَّعَلِّي جَائِز فيعمر وعَلى الْمَنْع مُطلقًا مَشى فِي الْخَانِية فَلْيَكُن هُوَ الْمعول.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ: وَلَو أَرَادَ أَحدهمَا نزع جذوعه من الْحَائِط فَلهُ ذَلِك لَو لم يصر بِالْحَائِطِ.

وَفِيه: انْهَدم حَائِط بَينهمَا فَبنى أَحدهمَا فَإِنَّهُ وَجْهَيْن: إِمَّا عَلَيْهِ حمولة أَو لَا.

والاحكام ثَلَاثَة: أَحدهَا طلب أَحدهمَا قسْمَة عَرصَة الْحَائِط وأبى الآخر.

وَالثَّانِي أَرَادَ أَحدهمَا أَن يبْنى ابْتِدَاء بِلَا طلب الْقِسْمَة وأبى الآخر.

وَثَالِثهَا لَو بناه بِلَا إِذن شريكة هَل يرجع عَلَيْهِ بشئ.

أما الْوَجْه الاول وَهُوَ عدم الحمولة عَلَيْهِ، فَأَما الحكم الاول وَهُوَ طلب الْقِسْمَة وإباء الآخر فقد ذكر فِي بعض الْمَوَاضِع مُطلقًا أَنه لَا يجْبر، وَبِه نَأْخُذ ص.

أما لَو لم تكن عَرصَة الْحَائِط عريضة بِحَيْثُ لَو قسمت لَا يُصِيب كلا مِنْهُمَا شئ يُمكنهُ أَن يَبْنِي فِيهِ فَظَاهر لتعنته فِي طلب الْقِسْمَة، وَأما لَو عريضة بِحَيْثُ يُصِيب كلا مِنْهُمَا مَا يُمكن الْبناء فِيهِ فلَان القَاضِي لَو قسم يقرع بَينهمَا، وَرُبمَا يخرج فِي قرعَة كل مِنْهُمَا مَا يَلِي دَار شَرِيكه فَلَا ينْتَفع بِهِ فَلَا تقع الْقِسْمَة مفيدة، وَإِلَيْهِ أَشَارَ م فِيمَا روى عَنهُ هِشَام: انْهَدم حَائِط بَينهمَا فَقَالَ أَحدهمَا أقسم وَالْآخر أَبى قَالَ لَا أقسم بَينهمَا إِذْ رُبمَا يُصِيب كلا

<<  <  ج: ص:  >  >>