مُضَافٌ إلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بِقَصْدِ التَّمْلِيكِ، وَفِي الثَّانِي جَعَلَ دَارَ نَفْسِهِ ظَرْفًا للسدس الَّذِي سَمَّاهُ كَانَ لفُلَان، وَإِنَّمَا يكون دَارُهُ ظَرْفًا لِذَلِكَ السُّدُسِ إذَا كَانَ السُّدُسُ مَمْلُوكًا لِفُلَانٍ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَكُونُ
إقْرَارًا، أَمَّا لَوْ كَانَ إنْشَاءً لَا يَكُونُ ظَرْفًا، لِأَنَّ الدَّارَ كُلَّهَا لَهُ فَلَا يَكُونُ الْبَعْضُ ظَرْفًا لِلْبَعْضِ.
وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي فَهُوَ وَصِيَّةٌ اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ فِي ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ قَالَ فِي مَالِي فَهُوَ إِقْرَار اهـ.
من النِّهَايَة.
فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَهُوَ هِبَةٌ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ، وَفِي هَذَا الْأَصْلِ خِلَافٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمِنَحِ، وَسَيَأْتِي فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْهِبَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا: الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ أَنَّهُ إقْرَارٌ، وَاسْتَشْكَلَهُ الشَّارِح هُنَاكَ وأوضحه سَيِّدي الْوَالِد ثَمَّةَ، فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَرِدُ) أَيْ عَلَى مَنْطُوق الاصل الْمَذْكُور، فَإِن الاضافة مَوْجُودَة وَمَعَ ذَلِك جعل إِقْرَارا، لَكِن الاضافة فِي الظّرْف لَا المظروف وَهُوَ الْمقر بِهِ.
قَوْله: (مَا فِي بَيْتِي) أَي فَإِنَّهُ إِقْرَار، وَكَذَا مَا فِي مَنْزِلِي، وَيَدْخُلُ فِيهِ الدَّوَابُّ الَّتِي يبعثها فِي النَّهَار وتأوي إلَيْهِ بِاللَّيْلِ، وَكَذَا الْعَبِيدُ كَذَلِكَ كَمَا فِي التاترخانية.
قَوْله: (لانها إِضَافَة نِسْبَة) أَيْ فَإِنَّهُ أَضَافَ الظَّرْفَ لَا الْمَظْرُوفَ الْمُقَرَّ بِهِ كَمَا علمت: يَعْنِي أَن الاضافة هُنَا كلا إِضَافَة، لاحْتِمَال أَن الْبَيْت أَو الصندوق أَو الْكيس ملك غَيره، وَمر فِي الايمان أَن المُرَاد بِالْبَيْتِ مَا ينْسب إِلَيْهِ بِالسُّكْنَى سَوَاء كَانَ بِملك أَو إِجَارَة أَو إِعَارَة أَو غير ذَلِك، وَالْمقر بِهِ هُنَا مَا فِي الْبَيْت وَهُوَ غير مُضَاف أصلا، فَيكون قَوْله مَا فِي بَيْتِي إِقْرَارا لَا تَمْلِيكًا لعدم وجود إِضَافَة الْمقر بِهِ إِلَى ملكه، بل جعله مظروفا فِيمَا أضيف إِلَيْهِ نِسْبَة.
قَوْله: (وَلَا الارض) عطف على مَا قبله.
أَي وَلَا يرد على عكس الْقَاعِدَة قَوْله.
قَوْله: (الارض) وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُضِفْهُ كَانَ إقْرَارًا، وَإِنَّمَا لَا وُرُود لَهَا على الاصل الْمُتَقَدّم إِذْ إِضَافَة فِيهَا إلَى مِلْكِهِ.
نَعَمْ نَقَلَهَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ عَلَى أَنَّهَا تَمْلِيكٌ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْمُنْتَقَى نَظِيرَتُهَا عَلَى أَنَّهَا إقْرَارٌ، وَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْقُنْيَةِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: إقْرَارُ الْأَبِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ تَمْلِيكٌ إنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ فِي الْإِقْرَار وَإِن أطلق فإقرار، كَمَا فِي سدس دَارِي وَسُدُسُ هَذِهِ الدَّارِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْهَا مَا يُخَالِفُهُ ثُمَّ قَالَ: قُلْت بَعْضُ هَذِهِ الْفُرُوعِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْإِضَافَةِ وَعَدَمِهَا، فَيُفِيدُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا، وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ الصَّغِيرِ يَصِحُّ فِيهَا الْهِبَةُ بِدُونِ الْقَبْضِ، لِأَنَّ كَوْنَهُ فِي يَدِهِ قَبْضٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالتَّمْلِيكِ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ.
وَلَوْ كَانَ فِي مَسْأَلَةِ الصَّغِير شئ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالتَّمْلِيكِ فِي حَقِّهِ أَيْضًا لِافْتِقَارِهِ إلَى الْقَبْضِ مفرزا اهـ.
ثُمَّ قَالَ: وَهُنَا مَسْأَلَةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ: وَهِيَ مَا إِذا أقرّ لآخر إِلَى آخر مَا ذكر الشَّارِحُ مُخْتَصَرًا.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ اخْتَلَفَ النَّقْلُ فِي قَوْله الارض الَّتِي حددوها كَذَا لِطِفْلِي هَلْ هُوَ إقْرَارٌ أَوْ هِبَةٌ، وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا إذَا كَانَ فِيهَا شئ مِمَّا يحْتَمل الْقِسْمَة، فتظهر حِينَئِذٍ ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِ الْقَبْضِ وَعَدَمِهِ، وَكَانَ مُرَادُ الشَّارِحِ الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ آخِرًا يُفِيدُ التَّوْفِيقَ بِأَنْ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهَا تَمْلِيكٌ عَلَى مَا إذَا كَانَت مَعْلُومَة بَين النَّاس أَنَّهَا ملكه فَيكون فِيهَا الْإِضَافَةُ تَقْدِيرًا، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهَا إقْرَارٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ.
قَوْله وَلَا الْأَرْضُ أَيْ وَلَا تَرِدُ مَسْأَلَةُ الْأَرْضِ