للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الَّتِي إلَخْ عَلَى الْأَصْلِ السَّابِقِ فَإِنَّهَا هِبَةٌ: أَيْ لَوْ كَانَتْ مَعْلُومَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ لِلْإِضَافَةِ تَقْدِيرًا، لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّسْلِيمِ كَمَا اقْتَضَاهُ الْأَصْلُ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ دفع الْوُرُود.

تَأمل

قَوْله: (وَإِن لم يقبضهُ) قَالَ فِي الْمنح وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ الصَّغِيرِ يَصِحُّ فِيهَا الْهِبَةُ بِدُونِ الْقَبْض، لَان كَونه فِي يَده قبض لَهُ فَلَا فرق بَين الاظهار: أَي الاقرار وَالتَّمْلِيك، بِخِلَاف الاجنبي، فَإِنَّهُ يشْتَرط فِي التَّمْلِيك الْقَبْض دون الاقرار.

اهـ.

وَإِنَّمَا يتم فِي حق الصَّغِير بِدُونِ قبض، لَان هبة الاب لطفله تتمّ بقوله: وهبت لطفلي فلَان كَذَا، وَيقوم مقَام الايجاب وَالْقَبُول وَيَكْفِي فِي قبضهَا بَقَاؤُهَا فِي يَده، لَان الاب هُوَ ولي طِفْله فَيقوم إِيجَابه مقَام إِيجَابه عَن نَفسه، وقبوله لطفله لانه هُوَ الَّذِي يقبل لَهُ وبقاؤها فِي يَده قبض لطفله، إِلَّا إِذا كَانَ مَا وهبه مشَاعا يحْتَمل الْقِسْمَة فَلَا بُد من إفرازه وَقَبضه بعد الْقِسْمَة لعدم صِحَة هبة الْمشَاع.

قَوْله: (إِلَّا أَن يكون مِمَّا يحْتَمل الْقِسْمَة) أَي وَقد ملكه بعضه.

قَوْله: (مفرزا) فِي بعض النّسخ بعد هَذَا اللَّفْظ لفظ اهـ.

وَفِي بَعْضهَا بَيَاض.

قَوْله: (للاضافة تَقْديرا) عِلّة.

قَوْله: (وَلَا الارض) أَي إِنَّمَا كَانَت تَمْلِيكًا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَإِن لم يُوجد فِيهَا إِضَافَة صَرِيحًا لَان فِيهَا إِضَافَة تقديرية كَأَنَّهُ قَالَ: أرضي الخ وَالدَّلِيل عَلَيْهَا أَن ملكه إِيَّاهَا مَعْلُوم للنَّاس.

فَالْحَاصِل: أَن الاضافة إِلَى نَفسه الَّتِي تَقْتَضِي التَّمْلِيك، إِمَّا أَن تكون صَرِيحَة أَو تقديرية تعلم بالقرائن، كَأَن كَانَ مَشْهُورا بَين النَّاس أَنَّهَا ملكه، وَبِهَذَا يظْهر الْجَواب عَن مسَائِل جعلوها تَمْلِيكًا وَلَا إِضَافَة فِيهَا، فَلَا حَاجَة إِلَى مَا ادَّعَاهُ المُصَنّف من ثُبُوت الْخلاف فِي الْمَسْأَلَة حَيْثُ قَالَ بعض هَذِه الْفُرُوع

تَقْتَضِي التَّسْوِيَة: أَي فِي التَّمْلِيك بَيْنَ الْإِضَافَةِ وَعَدَمِهَا، فَيُفِيدُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خلافًا اهـ.

فَلْيتَأَمَّل ط.

وَلَا تنس مَا قدمْنَاهُ من إِفَادَة التَّوْفِيق.

قَوْله: (فَهَل يكون إِقْرَارا أَو تَمْلِيكًا) أَقُولُ: الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا أَضَافَ الْمُقَرَّ بِهِ أَوْ الْمَوْهُوبَ إلَى نَفْسِهِ كَانَ هِبَةً، وَإِلَّا يَحْتَمِلُ الْإِقْرَارَ وَالْهِبَةَ فَيُعْمَلُ بِالْقَرَائِنِ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى الْأَوَّلِ مَا عَنْ نَجْمِ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ إقْرَارٌ فِي الْحَالَتَيْنِ، وَرُبَّمَا يُوَفَّقُ بَيْنَ كَلَامِهِمْ بِأَنَّ الْمِلْكَ إذَا كَانَ ظَاهِرًا لِلْمِلْكِ فَهُوَ تَمْلِيكٌ، وَإِلَّا فَهُوَ إقْرَارٌ إِن وجدت قرينَة، وتمليك أَو وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ، فَتَأَمَّلْ فَإِنَّا نَجِدُ فِي الْحَوَادِثِ مَا يَقْتَضِيهِ رَمْلِيٌّ.

وَقَالَ السَّائِحَانِيُّ: أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ أَقْوَالَ الْمَذْهَبِ كَثِيرَةٌ، وَالْمَشْهُورُ هُوَ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَالْأَصْلِ إلَخْ وَفِي الْمِنَحِ عَنْ السَّعْدِيِّ: أَنَّ إقْرَارَ الْأَبِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِعَيْنِ مَالِهِ تَمْلِيكٌ إنْ أَضَافَ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ فَانْظُرْ لِقَوْلِهِ بِعَيْنِ مَالِهِ، وَلِقَوْلِهِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، فَهُوَ يُشِيرُ إلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ مَا يُعْهَدُ بَلْ الْعِبْرَةُ لِلَّفْظِ اهـ.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ مَا فِي بَيْتِي وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ جَمِيعُ مَا يعرف بِي أَو جَمِيع مَا ينْسب إِلَيّ لفُلَان، قَالَ الاسكاف إِقْرَار.

اهـ.

فَإِنَّ مَا فِي بَيْتِهِ وَمَا يُعْرَفُ بِهِ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ يَكُونُ مَعْلُومًا لِكَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ مِلْكُهُ، فَإِنَّ الْيَدَ وَالتَّصَرُّفَ دَلِيلُ الْمِلْكِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إقْرَارٌ، وَأَفْتَى بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ، وَبِهِ تَأَيَّدَ بَحْثُ السَّائِحَانِيِّ.

وَلَعَلَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ بِالْهِبَةِ لِعَدَمِ الْفَرْقِ فِيهَا بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْإِقْرَارِ إذَا كَانَ ذَلِكَ لِطِفْلِهِ، وَلِذَا ذَكَرَهَا فِي الْمُنْتَقَى فِي جَانِبِ غَيْرِ الطِّفْلِ مُضَافَةً لِلْمُقِرِّ حَيْثُ قَالَ: إذَا قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>