أَرْضِي هَذِهِ وَذَكَرَ حُدُودَهَا لِفُلَانٍ أَوْ قَالَ الْأَرْضُ الَّتِي حُدُودُهَا كَذَا لِوَلَدِي فُلَانٍ وَهُوَ صَغِيرٌ كَانَ جَائِزًا وَيَكُونُ تَمْلِيكًا، فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أعلم.
أَقُول: لَعَلَّه إِنَّمَا كَمَا كَذَلِك: أَي تَمْلِيكًا من حَيْثُ إِن الارض مَشْهُورَة إِنَّهَا ملك وَالِده، واستفادة الْملك إِنَّمَا تكون من جِهَته وَذَلِكَ بالتمليك مِنْهُ، بِخِلَاف الاقرار للاجنبي ولولده الْكَبِير حَيْثُ يُمكن أَن تكون ملكهمَا من غير جِهَة الْمقر.
تَأمل.
قَوْله: (فَقَالَ اتزنه) أَصله أَو تزنه قلبت الْوَاو تَاء وأدغمت فِي التَّاء، وَهُوَ أَمر مَعْنَاهُ: خُذ بِالْوَزْنِ الْوَاجِب لَك عَليّ.
قَوْله: (وَنَحْو ذَلِك) كأحل بهَا غرماءك أَو
من شِئْت مِنْهُم أَو أضمنها لَهُ أَو يحتال بهَا عَليّ أَو قضي فلَان عني.
حموي.
أَو خُذْهَا أَو تنَاولهَا أَو استوفها.
منح أَو سأعطيكها أَو غَدا أعطيكها أَو سَوف أعطيكها، أَو قَالَ: لَيست الْيَوْم عِنْدِي أَو أجلني فِيهَا كَذَا أَو أَخّرهَا عني أَو نفسني فِيهَا أَو تبرأتني بهَا أَو أبرأتني فِيهَا، أَو قَالَ: وَالله لَا أقضيكها أَو لَا أزنها لَك الْيَوْم أَو لَا تأخذها مني الْيَوْم، أَو قَالَ: حَتَّى يدْخل عَليّ مَالِي أَو حَتَّى يقدم عَليّ غلامي أَو لم يحل بعد، أَو قَالَ: غَدا أَو لَيست بمهيأة أَو ميسرَة الْيَوْم، أَو قَالَ: مَا أَكثر مِمَّا تتقاضى بهَا.
هندية عَن مُحِيط السَّرخسِيّ.
قَوْلُهُ: (فَهُوَ إقْرَارٌ لَهُ بِهَا) وَكَذَا لَا أقضيكها أَو وَالله لَا أعطيكها فإقرار.
مقدسي.
وَكَذَا غممتني بهَا، ولزمتني بهَا وأذيتني فِيهَا.
ذكره الْعَيْنِيّ.
وَفِي الْمَقْدِسِي أَيْضا قَالَ: أَعْطِنِي الْأَلْفَ الَّتِي لِي عَلَيْك فَقَالَ: اصبر أَو سَوف تأخذها لَا يكون إِقْرَارا، وَقَوْلُهُ أَتَزِنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ إقْرَارٌ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: قَوْلُهُ عِنْدَ دَعْوَى الْمَالِ مَا قَبَضْتُ مِنْكَ بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَكُونُ إقْرَارًا، وَلَوْ قَالَ: بِأَيّ سَبَب دَفعه إِلَيّ قَالُوا يكون إِقْرَارا، وَفِيه نظر اهـ.
قَدَّمَهُ إلَى الْحَاكِمِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَطَالَبَهُ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَا لَهُ عَلَيَّ الْيَوْم شئ وَهَذَا الْحَلِفُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا.
وَقَالَ الْفَقِيهُ: لَا يلْتَفت إِلَى قَول من جعله إِقْرَارا سائحاني.
وَفِي الْهِنْدِيَّة: رجل قَالَ اقضني الالف الَّتِي لي عَلَيْك فَقَالَ نعم فقد أقرّ بهَا وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ فَاقْعُدْ فاتزنها فانتقدها فاقبضها.
وَفِي نوار هِشَام قَالَ: سَمِعت مُحَمَّدًا رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول فِي رجل قَالَ لآخر أَعْطِنِي ألف دِرْهَم فَقَالَ اتزنها قَالَ لَا يلْزمه شئ، لانه لم يقل أَعْطِنِي ألفي كَذَا فِي الْمُحِيط اهـ.
قَوْله: (لرجوع الضَّمِير إِلَيْهَا فِي كل ذَلِك) فَكَانَ إِعَادَة فَكَأَنَّهُ قَالَ أَتَزِنُ الْأَلْفَ الَّتِي لَك عَلَيَّ وَنَحْوه.
قَوْله: (فَكَانَ جَوَابا) لَا ردا وَلَا ابْتِدَاء فَيكون إِثْبَاتًا للاول.
قَوْله: (وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ) ويستدل عَلَيْهِ بالقرائن.
قَوْله: (أما لَو ادّعى الِاسْتِهْزَاء لم يصدق) أَفَادَ كَلَامه أَن مُجَرّد دَعْوَاهُ الِاسْتِهْزَاء لَا تعْتَبر، بل لَا بُد من الشَّهَادَة عَلَيْهِ، وَلَا تعْتَبر الْقَرِينَة كهز الرَّأْس مثلا، وَيدل لَهُ مَا سَيَأْتِي من أَنه إِذا ادّعى الْكَذِب بعد الاقرار لَا يقبل، وَيحلف الْمقر لَهُ عِنْد أبي يُوسُف.
وَفِي الفتاوي الْخَيْرِيَّة: سُئِلَ عَن دَعْوَى النسْيَان بعد الاقرار، لَا تسمع دَعْوَاهُ النسْيَان كَمَا هُوَ ظَاهر الرِّوَايَة، وعَلى الرِّوَايَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ: أَنَّ دَعْوَى الْهَزْلِ فِي الْإِقْرَارِ تَصِحُّ وَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى أَن الْمقر مَا كَانَ كَاذِبًا فِي إِقْرَاره اهـ.
فَلَعَلَّ قَول الشَّارِح أما لَو ادّعى الِاسْتِهْزَاء لم يصدق جرى
على ظَاهر الرِّوَايَة.
نعم يرد عَلَيْهِ مَسْأَلَة الصُّلْح الْآتِيَة حَيْثُ قَالُوا: تسمع دَعْوَاهُ بِعَين بعد الابراء الْعَام، وَقَوله لَا حق لي عِنْده: أَي مِمَّا قَبضته فقد اكتفوا بِالْقَرِينَةِ، وَسَيَأْتِي فِي عبارَة الاشباه مَا يُفِيد اعْتِبَار