فَإِن قيل: الاقرار يرْتَد بِالرَّدِّ وَهُوَ فسخ.
قُلْنَا: لَيْسَ بِفَسْخ للاقرار لانه رفع للشئ بعد ثُبُوته ورد الاقرار لَيْسَ رفعا لَهُ بعد ثُبُوته فِي حَقه، بل بَيَان أَنه غير ثَابت أصلا لانه يحْتَمل الصدْق وَالْكذب، فَإِذا كذبه الْمقر لَهُ ثَبت الْكَذِب فِي حَقه لانه إِقْرَار على نَفسه، وَإِذا صَحَّ التَّكْذِيب فِي حَقه ظهر أَن الاقرار لم يثبت من الاصل، بِخِلَاف البيع لانه تصرف يحْتَمل الْفَسْخ بعد وُقُوعه، لَان مَا هُوَ الْمَقْصُود مِنْهُ وَهُوَ الْملك مِمَّا يَنْفَسِخ بانفساخ البيع لانه ثَابت بِهِ، وَالْمَقْصُود من فسخ السَّبَب فسخ حكمه، فَإِذا كَانَ حكم السَّبَب مُحْتملا للْفَسْخ كَانَ السَّبَب كَذَلِك وَعَكسه.
قَوْله: (لم يعْتَبر تَصْدِيقه) الاولى حذفه، بل يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: فَإِنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ لِأَنَّ إِن وصلية فَلَا جَوَاب لَهَا ح: أَي بل جوابها مَفْهُوم من الْكَلَام السَّابِق، إِلَّا أَن يُقَال: هَذَا بَيَان لذَلِك الْمَفْهُوم فَلَا اعترا ض حِينَئِذٍ.
قَوْله: (إِلَّا إِذا أقرّ بِعقد) أَي بدين لزمَه بِسَبَب عقد الخ بِأَن يَقُول لَهُ عَليّ ألف ثمن مَبِيع بِخِيَار.
قَوْله: (وَقع بِالْخِيَارِ لَهُ) فَحِينَئِذٍ يثبت الْخِيَار لَهُ إِذا صدقه الْمقر لَهُ أَو أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَة إِلَّا أَن يكذبهُ الْمقر لَهُ فَلَا يثبت الْخِيَار، وَكَانَ القَوْل قَول الْمقر لَهُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبا.
فَإِن قيل: إِن لم يقبل الاقرار الْفَسْخ فالسبب الَّذِي بِهِ وَجب المَال وَهُوَ التِّجَارَة تقبل.
فَيجب أَن يكون الْخِيَار مَشْرُوطًا فِي سَبَب الْوُجُود.
قُلْنَا: السَّبَب غير مَذْكُور، وَإِنَّمَا يعْتَبر مَذْكُورا ضَرُورَة صِحَة الاقرار، وَإِذا ثَبت مُقْتَضى صِحَّته اعْتبر مَذْكُورا فِي حَقه فَقَط دون صِحَة الْخِيَار، وَأما إِذا قَالَ عَليّ ألف ثمن مَبِيع بِخِيَار فَيصح إِن صدقه الْمقر لَهُ أَو برهن، لَان الْمقر بِهِ عقد يقبل الْخِيَار، وَهُوَ من الْعَوَارِض فَلَا بُد من التَّصْدِيق أَو الْبَيَان، وَإِن أقرّ بدين بِسَبَب كَفَالَة على أَنه بِالْخِيَارِ مُدَّة مَعْلُومَة، وَلَو طَوِيلَة جَازَ إِن صدقه، لَان الْكفَالَة تحْتَمل من الْجَهَالَة والخطر مَا لَا يحْتَملهُ البيع، فَإِذا جَازَ شَرطه فِيهِ فَفِيهَا أولى، ثمَّ لم يقدر فِيهَا لَان إِطْلَاق الْخِيَار فِي البيع يُنَافِي حِكْمَة الْملك الْمُطلق، وَحكم الْخِيَار منع السَّبَب من الْعَمَل وَحكم الْكفَالَة لُزُوم الدّين وَأَنه يَصح مُطلقًا ومقيدا.
مقدسي.
قَوْله: (لانه مُنكر) للخيار فِي العقد الَّذِي هُوَ من الْعَوَارِض وَالْقَوْل فِيهَا للْمُنكر.
قَوْلُهُ: (أَوْ قَصِيرَةً) الْأَوْلَى حَذْفُهَا كَمَا لَا يخفى.
حَلَبِيّ.
وَإِنَّمَا جَازَت الْكفَالَة مُطلقَة ومقيدة لَان حكمهَا هَاهُنَا
لُزُوم الدّين، وَهُوَ يَصح مُطلقًا ومقيدا فَلَا يكون اشْتِرَاط الْخِيَار كَذَلِك منافيا لَهَا، بِخِلَاف البيع فَلَا بُد من التَّوْقِيت فِيهِ بِثَلَاثَة، لَان إِطْلَاق الْخِيَار يُنَافِي حكم البيع، لَان حكمه الْملك الْمُطلق وَحكم الْخِيَار منع السَّبَب من الْعَمَل، وَبَينهمَا مُنَافَاة.
وَالْحَاصِل: أَنه كَمَا أَن البيع عقد يَصح فِيهِ شَرط الْخِيَار، وَلَا يُزَاد فِيهِ على ثَلَاثَة أَيَّام عِنْد الامام، وَالْكَفَالَة عقد أَيْضا يَصح فِيهِ شَرط الْخِيَار، وَيصِح اشْتِرَاطه مُدَّة طَوِيلَة أَو قَصِيرَة، لانها عقد تبرع يتوسع فِيهَا بعد أَن تكون الْمدَّة مَعْلُومَة، لَكِن قد صدر فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ بعد الْمِائَتَيْنِ والالف أَمر حَضْرَة السُّلْطَان نَصره الرَّحْمَن لسَائِر قُضَاته ونوابه فِي الممالك المحروسة بالحكم على قَول الصاحبين فِي امتداد خِيَار الشَّرْط أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام مُوَافقا لما فِي الْمَادَّة الثلاثمائة من الْجُزْء الاول من كتاب البيع من الاحكام العدلية حِين كنت فِي الآستانة الْعلية، ومتشرفا بتوظيفي بِتِلْكَ الجمعية العلمية بِأَمْر من حَضرته نَصره الله تَعَالَى بجمعها.
قَوْله: (إِذا صدقه) فَإِذا كذبه يلْزمه المَال من غير شَرط وَالْقَوْل لَهُ لانه