سَبَب يحْتَمل، لانه يحْتَمل أَن أحدا من أوليائه بَاعه مِنْهُ فَحسب أَن ذَلِك صَحِيح فَيقر بِهِ ويضيفه إِلَى الْجَنِين مجَازًا اهـ مُلَخصا.
ثمَّ على قَول مُحَمَّد: إِذا صَحَّ الاقرار مَعَ إِيهَام السَّبَب ثمَّ ولد الْحمل مَيتا أَو لم يُوجد حمل لمن يرد الْمقر بِهِ يُرَاجع.
وَأفَاد فِي الزَّيْلَعِيّ والعناية أَنه تحصل أَن للمسألة ثَلَاث صور: إِمَّا أَن يبهم الاقرار فَهُوَ على الْخلاف، وَإِمَّا أَن يبين سَببا صَالحا فَيجوز بالاجماع، وَإِمَّا أَن يبين سَببا غير صَالح فَلَا يجوز بالاجماع، فَإِن قيل: ظَاهر إِقْرَاره يَقْتَضِي الْوُجُوب، فَكيف يقدر على إِبْطَاله بِبَيَان سَبَب غير صَالح، والابطال رُجُوع وَهُوَ فِي الاقرار لَا يَصح؟ أُجِيب: بِأَنَّهُ لَيْسَ بِرُجُوع بل ظُهُور كذبه يبْقين كَمَا لَو قَالَ: قطعت يَد فلَان عمدا أَو خطأ وَيَد فلَان صَحِيحَة اهـ.
ثمَّ قَالَ المنلا عبد الْحَلِيم: وَقيل أَبُو حنيفَة مَعَ أبي يُوسُف، وَاخْتَارَ صَاحب الْهِدَايَة
قَول أبي يُوسُف على مَا هُوَ دأبه فِي تَرْتِيب الْمسَائِل، وَتَبعهُ صَاحب الْوِقَايَة حَيْثُ ترك قَول مُحَمَّد رَأْسا إِشَارَة إِلَى رُجْحَان قَول أبي يُوسُف، وَعَلِيهِ أَكثر الشُّرَّاح حَيْثُ قووا دَلِيله اهـ.
ثمَّ قَالَ: فَظهر أَن قَول أبي يُوسُف هُوَ الْمُخْتَار وَأقوى، وَإِن من قَالَ وَلم نظفر فِيمَا عِنْدِي من الْمُعْتَبرَات مَا يرجح قَول أَحدهمَا على قَول الآخر أظهر عدم تتبعه كَمَا لَا يخفى اهـ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ صَحِيحٌ) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُقَرِّ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقٍ، لَكِنَّ بُطْلَانَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِبْطَالِ كَمَا فِي الانقروي، وَأما الاقرار للصَّغِير فَلَا يتَوَقَّف على تَصْدِيقه، فَيصير الشئ الْمقر بِهِ لَهُ ملكا لَهُ بِمُجَرَّد الاقرار، وَلَا يَصح إِقْرَار الْمقر بعد ذَلِك للْغَيْر كَمَا قدمْنَاهُ عَن الْخَيْر الرَّمْلِيّ موضحا فَرَاجعه إِن شِئْت.
قَوْله: (لَان هَذَا الْمقر الخ) قَالَ الْعَلامَة الاتقاني: بِخِلَاف مَا لَو أقرّ لرضيع أَن عَلَيْهِ ألف دِرْهَم بِالْبيعِ أَو الاجارة، لَان الرَّضِيع من أهل أَن يسْتَحق الدّين بِهَذَا السَّبَب بِتِجَارَة وليه، لانه يتجر لَهُ إِن كَانَ لَا يتجر هُوَ بِنَفسِهِ، بِخِلَاف الْجَنِين اهـ.
أَي فَإِنَّهُ لَا يَلِي أحد عَلَيْهِ.
قَالَ بعض الْفُضَلَاء، الْفرق بَين الرَّضِيع وَالْحمل حَيْثُ جَازَ الاقرار للاول، وَإِن بَين أَنه قرض أَو ثمن مَبِيع، وَلم يجز للثَّانِي لانه لَا يتَصَوَّر البيع مَعَ الْجَنِين وَلَا يَلِي عَلَيْهِ أحد، بِخِلَاف الصَّغِير لثُبُوت الْولَايَة عَلَيْهِ فيضاف إِلَيْهِ عقد الْوَلِيّ مجَازًا، هَكَذَا فهمت من كَلَامهم اهـ.
أَقُول: وَجه فِي الْمُحِيط صِحَة الاقرار للصَّغِير وَإِن بَين سَببا غير صَالح بِأَنَّهُ أقرّ بِوُجُوب الدّين بِسَبَب، وَإِن لم يثبت لانه لَا يتَصَوَّر من الصَّبِي نفي الاقرار بِالدّينِ كَمَا لَو كذبه الْمقر لَهُ فِي السَّبَب بِأَن قَالَ لَك عَليّ ألف غصبا فَقَالَ الْمقر لَهُ بل دينا يلْزمه المَال وَإِن لم يثبت السَّبَب.
كَذَا هَذَا وَمثله فِي الْحَوَاشِي الحموية.
قَوْله: (فِي الْجُمْلَة أشباه) قَالَ محشيه الْحَمَوِيّ: يَعْنِي لَان البيع أَو الْقَرْض صدر من بعض أوليائه، فإضافته إِلَى الصَّغِير مجَاز انْتهى.
قَوْله: (أقرّ بشئ على أَنه بِالْخِيَارِ الخ) يَعْنِي بِأَن قَالَ لَهُ عَليّ ألف دِرْهَم قَرْضٌ أَوْ غَصْبٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ قَائِمَة أَو مستهلكة على أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام منح.
قَوْله: (لزمَه بِلَا خِيَار) لوُجُود الصِّيغَة الملزمة.
قَوْله: (فَلَا يقبل الْخِيَار) لَان الْمَقْصُود من الْخِيَار هُوَ الْفَسْخ، وَلما لم يحْتَمل الاقرار وَالْفَسْخ لم يجز شَرط الْخِيَار لَهُ، وَلَزِمَه المَال، لانه إِن كَانَ صَادِقا فَهُوَ وَاجِب الْعَمَل بِهِ، وَإِن لم يخْتَر وَإِن كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ وَاجِب الرَّد فَلَا يتَغَيَّر بِاخْتِيَارِهِ وَعدم اخْتِيَاره، وَإِنَّمَا
تَأْثِير اشْتِرَاط الْخِيَار فِي الْعُقُود ليتخير من لَهُ الْخِيَار بَين فَسخه وإمضائه.
دُرَر وعناية.