الدَّعْوَى.
قَوْله: (يلْزمه كل الدّين) أَي فِي قَول أَصْحَابنَا.
منح.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ حِصَّتُهُ) عَبَّرَ عَنْهُ بِقِيلَ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ، وسيجئ أَيْضًا، وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ أَقَرَّ بِالْوَصِيَّةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ وِفَاقًا.
وَفِي مَجْمُوعَةِ مُنْلَا عَلِيٍّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ وَالثَّلَاثِينَ: أَحَدُ الْوَرَثَةِ إذَا أَقَرَّ بِالْوَصِيَّةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ بالِاتِّفَاقِ، وَإِذا مَاتَ وَترك ثَلَاث بَنِينَ وَثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ كُلُّ ابْنٍ أَلْفًا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِثلث مَاله وَصدقه أحد النين فَالْقِيَاسُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهِ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: يُؤْخَذُ مِنْهُ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ، وَهُوَ قَول عُلَمَائِنَا رَحِمهم الله تَعَالَى لَنَا أَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ شَائِعٍ فِي الْكُلِّ ثُلُثُ ذَلِكَ فِي يَدِهِ وَثُلُثَاهُ فِي يَد شريكيه، فَمَا كَانَ إِقْرَارا فِيمَا يَده قبل وَمَا كَانَ إقْرَارًا فِي يَدِ غَيْرِهِ لَا يقبل، فَوَجَبَ أَن يسلم إلَى الْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ اهـ.
قَوْله: (دفعا للضَّرَر) أَي من الْمقر: أَي لانه إِنَّمَا أقرّ بِمَا تعلق بِكُل التَّرِكَة.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَهِدَ هَذَا الْمُقِرُّ مَعَ آخَرَ الخ) وَكَذَا لَوْ بَرْهَنَ الطَّالِبُ عَلَى هَذَا الْمُقِرِّ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ، كَمَا فِي وَكِيلٍ قَبَضَ الْعين: لَوْ أَقَرَّ مَنْ عِنْدَهُ الْعَيْنُ أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِهَا لَا يَكْفِي إقْرَارُهُ.
وَيُكَلَّفُ الْوَكِيلُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ قبض ذَلِك، فَكَذَا هُنَا جَامع الْفُصُولَيْنِ وَفِيه خَ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ مَاتَ مورثك؟ فَإِن قَالَ نعم، فَحِينَئِذٍ يَسْأَلُهُ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ: فَلَوْ أَقَرَّ وَكَذَّبَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يُقْضَ بِإِقْرَارِهِ حَتَّى شَهِدَ هَذَا الْمُقِرُّ وَأَجْنَبِيٌّ مَعَهُ يُقْبَلُ، وَيُقْضَى عَلَى الْجَمِيعِ وَشَهَادَتُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ أَقَرَّ الْوَارِثُ أَوْ نَكَلَ، فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ
يُؤْخَذُ كُلُّ الدَّيْنِ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ، لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّ الدّين مقدم على إِرْثه.
وَقَالَ ث: وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدِي أَنْ يَلْزَمَهُ مَا يَخُصُّهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَالِكٍ وَسُفْيَانَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ تَابَعَهُمْ، وَهَذَا القَوْل أعدل وَأبْعد من الضَّرَر، وَلَوْ بَرْهَنَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا مَا يَخُصُّهُ وفَاقا انْتهى.
بَقِي مَا لَو برهن عَلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِدَيْنِهِ بَعْدَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ، فَهَل للدائن أَخذ كُلِّهِ مِنْ حِصَّةِ الْحَاضِرِ؟ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ: اخْتلفُوا فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ.
فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَأْخُذُ مِنْهُ إِلَّا مَا يَخُصُّهُ انْتهى مُلَخصا.
قَوْله: (وَبِهَذَا) أَي بِقبُول شَهَادَة الْمقر مَعَ آخر أَنه على الْمَيِّت.
قَوْله: (بِمُجَرَّد إِقْرَاره) إِذا لَو أقرّ وَلَزِمَه جَمِيع المَال ثمَّ شهد مَعَ آخر، وَقبلت شَهَادَته لزمَه بِقدر حِصَّته، فَيكون فِي شَهَادَته دفع مغرم عَن نَفسه، وَالشَّهَادَة كَذَلِك لَا تقبل فقبولها دَلِيل أَن إِقْرَاره الاول لَا يعْتَبر وَلَا يلْزمه بِهِ دين وَهُوَ مُشكل، فَإِن إِقْرَار الانسان حجَّة فِي حق نَفسه، وَالْقَضَاء فِيهِ مظهر لَا مُثبت، وَلَو جعل هَذَا الْفَرْع مخرجا على قَول الْفَقِيه لَكَانَ ظَاهرا لانه لم يدْفع بِهَذِهِ الشَّهَادَة مغرما عَن نَفسه ط.
قَالَ الباقاني: وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ يَحِلُّ فِي نَصِيبِهِ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ مَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ دفع المغرم عَنهُ.
قَوْله: (فلتحفظ هَذِه الزِّيَادَة) وَهِي كَون الاقرار غير مُلْزم إِلَّا بِالْقضَاءِ لما ذكرنَا، وَحَاصِل مَا يُقَال: إِنَّه إِذا ادّعى رجل دينا على ميت وَأقر بعض الْوَرَثَة بِهِ فَفِي قَول أَصْحَابنَا يُؤْخَذ من حِصَّة الْمقر جَمِيع الدّين.
قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث: هُوَ الْقيَاس، لَكِن الِاخْتِيَار عِنْدِي أَن يُؤْخَذ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ من الدّين، وَهَذَا القَوْل أبعد من الضَّرَر.
وَذكره شمس الائمة الْحلْوانِي أَيْضا.
وَقَالَ مَشَايِخنَا هُنَا: زِيَادَة شئ لم