وَاحِد عِنْد الْجَمِيع، وَإِن أشهد على كل إِقْرَار شَاهِدين فَقَالَ الامام: يلْزمه مالان إِن لم يتَغَيَّر الشُّهُود، فَإِن تغيرُوا كَانَ المَال وَاحِدًا، فبعض الْمَشَايِخ قَالُوا: إِن كَانَ ذَلِك فِي موطنين وَأشْهد على إِقْرَاره شَاهِدين فَإِنَّهُ يلْزمه المالان جَمِيعًا، سَوَاء أشهد على قَالَ شمس الائمة الْحلْوانِي: كَذَا ذكره إِقْرَاره الثَّانِي الاولين أَو غَيرهمَا الْخصاف، وَالظَّاهِر أَن الْخلاف بَينهم فِيمَا إِذا كَانَ الاقراران فِي موطنين، أما إِذا كَانَ فِي موطن وَاحِد فَيكون المَال وَاحِدًا وَحَاصِله: أَن الصُّور الوفاقية والخلاقية ثَمَانِيَة: وَاحِدَة خلافية وَالْبَاقِي وفاقية، وَذَلِكَ لانه إِذا لم يبين السَّبَب وَاخْتلف الْمجْلس وَالشُّهُود لزم مالان عِنْده خلافًا لَهما، وَإِن اتَّحد الْمجْلس وَبِه صك فاللازم ألف وَاحِدَة اتِّفَاقًا، وَإِن كَانَ لَا صك فَفِي تَخْرِيج الْكَرْخِي أَلفَانِ، وَفِي تَخْرِيج الطَّحَاوِيّ ألف، وَإِن بَين السَّبَب: فَإِن كَانَ مُخْتَلفا فألفان، وَإِن متحدا فألف، وَكَذَا إِن اتَّحد الشُّهُود أَو اتَّحد الصَّك، وَإِن كَانَ صكان فَأشْهد عَلَيْهِمَا لزم مالان.
وَحَاصِل الصُّور الْعَقْلِيَّة اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ صُورَة، لانه لَا يَخْلُو: إِمَّا أَن لَا يبين السَّبَب، أَو يبين سَببا مُخْتَلفا أَو متحدا، فَهِيَ ثَلَاث، وَفِي كل: إِمَّا أَن يكون فِي مجْلِس أَو فِي مجلسين فَهِيَ سِتَّة، وَفِي كل: إِمَّا أَن تتحد الشُّهُود أَو تخْتَلف فَهِيَ اثْنَا عشر، وَفِي كل: إِمَّا أَن لَا يكون بِهِ صك أَو بِهِ صك وَاحِد أَو صكان فَهِيَ سِتَّة وَثَلَاثُونَ، وَفِي كل: إِمَّا أَن يتحدا المالان أَو يختلفا فَهِيَ اثْنَان وَسَبْعُونَ.
هَذِه خُلَاصَة مَا حَقَّقَهُ المحشون فِي هَذَا الْمحل فاغتنمه فَإِنَّهُ من فيض الْمُنعم الاجل.
قَوْلُهُ: (أَقَرَّ) أَيْ بِدَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا فِي شَتَّى الْفَرَائِض من الْكَنْز
قَوْله: (عِنْد الثَّانِي) وَعِنْدَهُمَا لَا يلْتَفت إِلَى قَوْله.
قَوْله: (وَبِه يُفْتى) وَهُوَ الْمُخْتَار.
بَزَّازِيَّة ظَاهره أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا ادَّعَى الْإِقْرَارَ كَاذِبًا يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْ وَارِثُهُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ مُضْطَرًّا إلَى الْكَذِبِ فِي الْإِقْرَارِ أَوْ لَا.
قَالَ شَيخنَا: وَلَيْسَ كَذَلِك لما سَيَأْتِي من مَسَائِلَ شَتَّى قُبَيْلَ كِتَابِ الصُّلْحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَقَرَّ بِمَالٍ فِي صَكٍّ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِهِ ثمَّ ادّعى أَن بعض الْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ قَرْضٌ وَبَعْضَهُ رِبًا إلَخْ حَيْثُ نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ مَا
يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُفْتَى بِقَوْلِ أبي يُوسُف، من أَنه يحلف الْمقر لَهُ أَنَّ الْمُقِرَّ مَا أَقَرَّ كَاذِبًا فِي كل صُورَةٍ يُوجَدُ فِيهَا اضْطِرَارُ الْمُقِرِّ إلَى الْكَذِبِ فِي الاقرار، أَبُو السُّعُود.
وَفِيه: أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْحَمْلُ عَلَى هَذَا، لِأَنَّ الْعِبَارَةَ هُنَاكَ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ، فَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ، كُلَّ مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ مُطْلَقًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَبِهِ جزم المُصَنّف، فَرَاجعه اهـ.
أَقُول: وَقدمنَا شَيْئا مِنْهُ فِي شَتَّى الْقَضَاء وَسَيَأْتِي فِي شَتَّى الاقرار.
قَوْله: (دُرَر) نَصهَا: وَهُوَ اسْتِحْسَان، وَوَجهه أَن الْعَادة جرت بَين النَّاس أَنهم إِذا أَرَادوا الِاسْتِدَانَة يَكْتُبُونَ الصَّك قبل الاخذ ثمَّ يَأْخُذُونَ المَال، فَلَا يكون الاقرار دَلِيلا على اعْتِبَار هَذِه الْحَالة فَيحلف، وَعَلِيهِ الْفَتْوَى لتغير أَحْوَال النَّاس، وَكَثْرَة الخداع والخيانات، وَهُوَ يتَضَرَّر وَالْمُدَّعِي لَا يضرّهُ الْيَمين إِن كَانَ صَادِقا فيصار إِلَيْهِ، وَعِنْدَهُمَا يُؤمر بِتَسْلِيم الْمقر بِهِ إِلَى الْمقر لَهُ، وَهُوَ الْقيَاس، لَان الاقرار حجَّة ملزمة شرعا كالبينة بل أولى لَان احْتِمَال الْكَذِب فِيهِ أبعد اهـ.
وَقَيده فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّة بِأَنَّهُ لم يصر مَحْكُومًا عَلَيْهِ بالاقرار.
فَإِن صَار مَحْكُومًا عَلَيْهِ بالاقرار لَا يحلف كَمَا هُوَ صَرِيح كَلَام الْبَزَّازِيَّة.