للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بَين النَّاس، وَإِذا خلا بِهِ تصدق عَلَيْهِ كي لَا يُحْسَدَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْوَرَثَةِ فَيَحْصُلَ مِنْهُمْ إيذَاءٌ فِي الْجُمْلَةِ بِوَجْهٍ مَا، وَأَمَّا الْحِكَايَةُ فَهِيَ على حَقِيقَة الاقرار.

اهـ.

وَقَول الْمَقْدِسِي: بِأَن يعلم الخ، يُفِيد إِطْلَاقه أَن

التَّقْيِيد من الْمُؤلف.

قَوْله: فِي مَرضه اتفاقي ط.

قَالَ: إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ أَحَاطَ ذَلِكَ بِمَالِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ فَهُوَ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يصدقهُ الْوَرَثَة اهـ.

وَهَكَذَا فِي عَامَّة الْمُعْتَمدَة الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ مُخْتَصَرَاتِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَغَيْرِهَا، لَكِنْ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ: أَنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِلْوَارِثِ لَا يَجُوزُ حِكَايَةً وَلَا ابْتِدَاءً، وَإِقْرَارُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ يَجُوزُ حِكَايَةً مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَابْتِدَاءً مِنْ ثلث المَال.

اهـ.

قُلْت: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا أَطْلَقَهُ الْمَشَايِخُ فَيَحْتَاجُ إلَى التَّوْفِيقِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالِابْتِدَاءِ مَا يَكُونُ صُورَتُهُ صُورَةَ إقْرَارٍ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ ابْتِدَاءُ تَمْلِيكٍ بِأَنْ يَعْلَمَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَنَّ ذَلِكَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ مِلْكٌ لَهُ وَإِنَّمَا قَصَدَ إخْرَاجَهُ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ، حَتَّى لَا يَكُونَ فِي ذَلِك إِظْهَار على الْمقر لَهُ، وكما يَقع لبَعض أَن يتَصَدَّق على فَقير الخ.

وَأما الْحِكَايَة فَهُوَ على حَقِيقَة الاقرار، وَبِهَذَا الْفرق أجَاب الْعَلامَة الْمَقْدِسِي، وَنَقله عَن السَّيِّد الْحَمَوِيّ كَمَا نَقله الرَّمْلِيّ فِي حَاشِيَة جَامع الْفُصُولَيْنِ.

أَقُولُ: وَمِمَّا يَشْهَدُ لِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْفَرْقِ مَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ.

أَقَرَّ الصَّحِيحُ بِعَبْدٍ فِي يَدِ أَبِيهِ لِفُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَالِابْنُ مَرِيضٌ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ خُرُوجُ الْعَبْدِ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ، لِأَنَّ إقْرَارَهُ مُتَرَدِّدٌ بَين أَن يَمُوت الابْن أَولا فَيبْطل، أَو الْأَبُ أَوَّلًا فَيَصِحَّ، فَصَارَ كَالْإِقْرَارِ الْمُبْتَدَإِ فِي الْمَرَض.

قَالَ أستاذنا: فَهَذَا كالتنصيص أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّمَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ تَمْلِيكُهُ إيَّاهُ فِي حَالِ مَرضه مَعْلُوما حَتَّى أمكن جعل إِقْرَاره إِظْهَارًا أَي لحق الْمقر لَهُ لَا تَمْلِيكًا، فَأَمَّا إذَا عُلِمَ تَمَلُّكُهُ فِي حَالِ مَرَضِهِ فَإِقْرَارُهُ بِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ ثُلُثِ المَال.

قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى: وَأَنه حسن من حَيْثُ الْمَعْنى اهـ.

قُلْت: وَإِنَّمَا قَيَّدَ حَسَنَهُ بِكَوْنِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ مُخَالِفٌ لِمَا أَطْلَقُوهُ فِي مُخْتَصَرَاتِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، فَكَانَ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِغَيْرِ وَارِثِهِ صَحِيحًا مُطْلَقًا، وَإِنْ أَحَاطَ بِمَالِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

مُعِينُ الْمُفْتِي.

وَنَقَلَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٌّ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَام طَوِيل فَالَّذِي تحرر مِنْ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ أَنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِأَجْنَبِيٍّ صَحِيحٌ، وَإِنْ أَحَاطَ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَشَمِلَ الدَّيْنَ وَالْعَيْنَ، وَالْمُتُونُ لَا تَمْشِي غَالِبًا إلَّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

وَفِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ قَضَاءِ الْفَوَائِت: مَتى اخْتلف التَّرْجِيح

رجح إِطْلَاق مَا فِي الْمُتُون اهـ.

وَقد علمت أَن التَّفْصِيل مُخَالف لما أطْلقُوا، وَإِنْ حَسَّنَهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا الرِّوَايَةُ اهـ.

فقد عَلِمْتَ أَنَّ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمُصَنِّف لم يرتضه المُصَنّف.

أَقُول: حَاصِل هَذَا الْكَلَام: أَنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِأَجْنَبِيٍّ صَحِيحٌ، وَإِنْ أَحَاطَ بِكُل مَاله، لكنه مَشْرُوط بِمَا إِذا لم يعلم أَنه ابْتِدَاء تمْلِيك فِي الْمَرَض كَمَا إِذا علم أَن مَا أقرّ بِهِ إِنَّمَا دخل فِي ملكه فِي مَرضه، كَمَا إِذا أقرّ فِي مرض مَوته بشئ لاجنبي لم يعلم تملكه لَهُ فِي مَرضه، وَلم يكن عَلَيْهِ دين الصِّحَّة، فَإِن إِقْرَاره بِأَنَّهُ ملك فلَان الاجنبي دَلِيل على أَنه ابْتِدَاء تمْلِيك، كَمَا يَقع كثيرا فِي زَمَاننَا من أَن الْمَرِيض يقر بالشئ لغيره إِضْرَارًا لوَارِثه، فَإِذا علم ذَلِك تقيد بِثلث مَاله، وَهُوَ معنى قَول الْفُصُول الْعمادِيَّة: وَابْتِدَاء من ثلث مَاله، لَكِن أَنْت خَبِير بِأَن الْمُعْتَمد أَن الاقرار إِخْبَار لَا تمْلِيك، وَأَن الْمقر لَهُ بشئ إِذا لم يَدْفَعهُ لَهُ الْمقر بِرِضَاهُ لَا يحل لَهُ أَخذه ديانَة إِلَّا إِذا كَانَ قد ملك ذَلِك بِنَحْوِ بيع أَو هبة وَإِن

<<  <  ج: ص:  >  >>