للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ يحكم لَهُ بِأَنَّهُ ملكه بِنَاء على ظَاهر الامر، وَإِن الْمقر صَادِق فِي إِقْرَاره، فعلى هَذَا إِذا علمنَا أَن هَذَا الْمقر كَاذِب فِي إِقْرَاره وَأَنه قصد بِهِ ابْتِدَاء تمْلِيك فبالنظر إِلَى الدّيانَة لَا يملك الْمقر لَهُ شَيْئا مِنْهُ، وبالنظر إِلَى الْقَضَاء فِي ظَاهر الشَّرْع يحكم لَهُ بِالْكُلِّ، فَلَا وَجه لتخصيص نفاذه من الثُّلُث، لانا حَيْثُ صدقناه فِي إِقْرَاره فِي ظَاهر الشَّرْع لزم نفاذه من كل مَاله، وَإِن أحَاط بِهِ، فَلِذَا أطلق أَصْحَاب الْمُتُون والشروح نَفاذ الاقرار للاجنبي من كل المَال، فَلَيْسَ فِيمَا ذكره فِي الْقنية شئ من الْحسن، لَا من حَيْثُ الْمَعْنى وَلَا من حَيْثُ الرِّوَايَة، وَلَا يكون فِيهِ تأييد لما ذكره من الْفرق إِلَّا أَن يحمل الاقرار الْمَزْبُور على الْهِبَة، وَهِي فِي الْمَرَض وَصِيَّة لكنه يشْتَرط فِيهَا التَّسْلِيم، وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى أَضَافَ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى ملكه كَانَ هبة، فعلى هَذَا فَيمكن حمل مَا ذكر على الْوَصِيَّة حَيْثُ كَانَ الْمقر فِي ذكر الْوَصِيَّة، فَلَا يشْتَرط التَّسْلِيم، وَإِلَّا حمل على الْهِبَة وَاشْترط التَّسْلِيم كَمَا علمت، وَهَذَا كُله أَيْضا حَيْثُ أضَاف مَا أقرّ بِهِ إِلَى نَفسه كَقَوْلِه دَاري أَو عَبدِي لفُلَان، بِخِلَاف قَوْله هَذِه الدَّار أَو العَبْد لفُلَان وَلم يكن مَعْلُوما للنَّاس بِأَنَّهُ ملك الْمقر، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمكن حمله على التَّمْلِيك بطرِيق الْهِبَة أَو الْوَصِيَّة، لانه يكون مُجَرّد إِقْرَار وَهُوَ إِخْبَار لَا تمْلِيك كَمَا فِي الْمُتُون والشروح.

وَمَا نقل عَن الْقنية مَحْمُول على إِنَّه إنْشَاء تمْلِيك ابْتِدَاء، وَلذَا قيد نفاذه

بِكَوْنِهِ من الثُّلُث، إِلَّا أَن يُقَال: إِن إِقْرَار هَذَا الابْن كَانَ إِخْبَارًا فِي حَال صِحَّته لكنه لما دخل العَبْد فِي ملكه وَهُوَ مَرِيض وَلَزِمَه تَسْلِيمه إِلَى الْمقر لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالة اعْتبر تَبَرعا فِي الْمَرَض فتقيد بِالثُّلثِ.

وَمَا نقل عَن الْعمادِيَّة فَالْمُرَاد بِهِ الاقرار بالابراء عَن الْعين: يَعْنِي أَنه إِذا أقرّ الْمَرِيض أَنه أَبْرَأ وَارثه عَن دين لَهُ عَلَيْهِ لَا يَصح حِكَايَة بِأَن يسند الابراء إِلَى حَال الصِّحَّة، وَلَا ابْتِدَاء بِأَن يقْصد إبراءه الْآن.

وَأما الاجنبي إِذا حكى أَنه أَبرَأَهُ فِي الصِّحَّة يجوز من كل المَال، وَإِذا ابْتَدَأَ إبراءه الْآن لَا على سَبِيل الْحِكَايَة فَمن الثُّلُث لانه تبرع.

وَمَا نقل عَن جَامع الْفُصُولَيْنِ من أَنه لم يجز فَصرحَ فِي الْجَوْهَرَة بِأَنَّهُ أَي من كل المَال، وَإِنَّمَا يجوز من الثُّلُث، وَعَلِيهِ فَلَا فرق فِي إِقْرَاره بإبراء الاجنبي بَين كَونه حِكَايَة أَو ابْتِدَاء، حَيْثُ ينفذ من الثُّلُث، بِخِلَاف الاقرار بِقَبض الدّين مِنْهُ فَإِنَّهُ من الْكل كَمَا مر اهـ.

مُلَخصا من التَّنْقِيح لسيدي الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى.

أَقُول: لَكِن فِي قَوْله فِي صدر الْعبارَة وَإِن أقرّ لوَارث فَهُوَ بَاطِل فِيهِ نظر، لَان الْبَاطِل لَا تلْحقهُ الاجارة، فَيتَعَيَّن أَن يُقَال إِنَّه مَوْقُوف لَا بَاطِل.

تَأمل.

وَفِي الْمجلة من الْمَادَّة ١٠٦١: الاقرار لاجنبي صَحِيح من جَمِيع المَال فِي مرض الْمَوْت إِذا لم يكن عَلَيْهِ دين الصِّحَّة، وَلم يعلم أَن الْمقر ملكه بِسَبَب هبة أَو إِرْث أَو شِرَاء من مُدَّة قريبَة، وَأما إِذا علم أَن الْمَرِيض كَانَ ملكه بِسَبَب مِمَّا ذكر وَكَانَ قريب عهد فِي تملكه، فَيكون من الثُّلُث، سَوَاء حمل على الْوَصِيَّة إِن كَانَ فِي مذاكرة الْوَصِيَّة، وَإِلَّا فعلى الْهِبَة إِذا كَانَ مَعْلُوما ذَلِك عِنْد كثير من النَّاس.

قَوْلُهُ: (فِي مُعِينِهِ) وَهُوَ مُعِينُ الْمُفْتِي لِلْمُصَنِّفِ.

قَوْله: (وَأخر الارث عَنهُ) لَان قَضَاء الدّين من الْحَوَائِج الاصلية، لَان فِيهِ تَفْرِيغ ذمَّته وَرفع الْحَائِل بَينه وَبَين الْجنَّة كَمَا قدمنَا فَيقدم على حق الْوَرَثَة.

قَوْله: (وَدين الصِّحَّة مُطلقًا) سَوَاء علم بِسَبَب مَعْرُوف أَو بِإِقْرَارِهِ، سَوَاء كَانَ لوَارث أم لَا بِعَين أَو بدين ط.

قَوْله: (وَدين) مُبْتَدأ خَبره جملَة قدم، وَيصِح جَرّه، والاول قَول الشَّارِح فِي الْفَرَائِض: وَيُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ عَلَى دَيْنِ الْمَرَضِ إنْ جهل سَببه وَإِلَّا فسيان.

قَوْله: (وَمَا لزمَه فِي مَرضه بِسَبَب مَعْرُوف) وَإِنَّمَا سَاوَى مَا قبله لانه لما علم سَببه انْتَفَت التُّهْمَة عَن الاقرار.

منح.

<<  <  ج: ص:  >  >>