للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي الْمَبْسُوط: إِذا اسْتقْرض مَالا فِي مَرضه وعاين الشُّهُود دفع الْمقْرض المَال إِلَى الْمُسْتَقْرض أَو اشْترى شَيْئا بِأَلف دِرْهَم وعاين الشُّهُود قبض الْمَبِيع أَو تزوج امْرَأَة بِمهْر مثلهَا أَو اسْتَأْجر شَيْئا بمعاينة الشُّهُود، فَإِن هَذِه الدُّيُون تكون مُسَاوِيَة لديون الصِّحَّة، وَذَلِكَ لانها وَجَبت بِأَسْبَاب مَعْلُومَة لَا مرد لَهَا، ولانه بالقرض وَالشِّرَاء لم يفوت على غُرَمَاء الصِّحَّة شَيْئا لانه يزِيد فِي التَّرِكَة مِقْدَار الدّين الَّذِي تعلق بهَا، وَمَتى لم يتَعَرَّض لحقوقهم بالابطال نفذ مُطلقًا اهـ.

جلبي وَفِي التَّعْلِيل الثَّانِي نظر لاحْتِمَال اسْتِهْلَاك مَا اقترضه أَو مَا اشْتَرَاهُ ط

قَوْله: (أَو بمعاينة قَاض) هَذَا بِنَاء على أَن القَاضِي يقْضِي بِعِلْمِهِ وَهُوَ مَرْجُوح كَمَا مر مرَارًا.

قَوْله: (قدم على مَا أقرّ بِهِ فِي مر ض مَوته) حَتَّى لَو أقرّ من عَلَيْهِ دين فِي صِحَّته فِي مَرضه لاجنبي بدين، أَو عين مَضْمُونَة أَو أَمَانَة بِأَن قَالَ مُضَارَبَة أَو وَدِيعَة أَو غصب يقدم دين الصِّحَّة، وَلَا يَصح إِقْرَاره فِي حق غُرَمَاء الصِّحَّة، فَإِن فضل شئ من التَّرِكَة يصرف إِلَى غُرَمَاء الْمَرَض.

إتقاني.

وَإِنَّمَا قدم عَلَيْهِ، لَان الْمَرِيض مَحْجُور عَن الاقرار بِالدّينِ مَا لم يفرغ عَن دين الصِّحَّة، فالدين الثَّابِت بِإِقْرَار الْمَحْجُور لَا يزاحم الدّين الثَّابِت بِلَا حجر، كَعبد مَأْذُون أقرّ بدين بعد حجره، فَالثَّانِي لَا يزاحم الاول.

حموي.

وَفِيه: وَلنَا أَن حق غُرَمَاء الصِّحَّة تعلق بِمَال الْمَرِيض مرض الْمَوْت فِي أول مَرضه لانه عجز عَن قَضَائِهِ من مَال آخر، فالاقرار فِيهِ صَادف حق غُرَمَاء الصِّحَّة فَكَانَ مَحْجُورا عَلَيْهِ ومدفوعا بِهِ.

قَوْله: (وَلَو الْمقر بِهِ وَدِيعَة) أَي لم يتَحَقَّق ملكه لَهَا فِي مَرضه، وَإِلَّا كَانَت وَصِيَّة.

قَوْله: (وَعند الشَّافِعِي الْكل سَوَاء) لانه إِقْرَار لَا تُهْمَة فِيهِ لانه صادر عَن عقد والذمة قَابِلَة للحقوق فِي الْحَالين، وَلنَا أَن الْمَرِيض مَحْجُور عَن الاقرار بِالدّينِ مَا لم يفرغ عَن دين الصِّحَّة، فالدين الثَّابِت بِإِقْرَار الْمَحْجُور لَا يزاحم الدّين الثَّابِت بِلَا حجر، كَعبد مَأْذُون أقرّ بِالدّينِ بعد الْحجر، فَالثَّانِي لَا يزاحم الاول.

دُرَر.

وَالْحَاصِل: أَن الدّين الثَّابِت قبل الْحجر لَا يزاحمه الثَّابِت بعده، وَلَكِن مَا لَو علم مِنْهُ سَبَب بِلَا إِقْرَار يلْحق بالثابت قبل الْحجر فيؤخر عَنْهُمَا الثَّابِت بِمُجَرَّد الاقرار، ثمَّ الدّين الثَّابِت بِالسَّبَبِ نَوْعَانِ: نوع لَو قبض صَاحبه من الْمَرِيض ذَلِك لَا يُشَارِكهُ فِيهِ صَاحب دين الصِّحَّة كالمقرض وَالْمَبِيع فِيهِ.

وَنَوع: يُشَارك فِيهِ مَعَه كمهر قَبضته الْمَرْأَة وَأُجْرَة قبضهَا الْآجر كَمَا فِي غَايَة الْبَيَان، وَأُجْرَة مَسْكَنه ومأكله

وملبسه، وَمِنْه أدويته وَأُجْرَة طبيبه من النَّوْع الاول لَو قبضت لَا يشاركها الْغُرَمَاء وَالْمهْر من النَّوْع الثَّانِي، وَلم يعد من التَّبَرُّعَات لَان النِّكَاح من الْحَوَائِج الاصلية كَمَا مر وَيَأْتِي.

قَوْله: (كَنِكَاح مشَاهد) أَي للشُّهُود، وَإِنَّمَا جعل النِّكَاح من جملَة مَا يجب تَقْدِيمه لانه من الْحَوَائِج الاصلية كَمَا مر، وَإِن كَانَت رَابِعَة لشيخ فان، لَان النِّكَاح فِي أصل الْوَضع من مصَالح الْمَعيشَة، والاصل الْوَضع لَا الْحَال لَان الْحَال مِمَّا لَا يتَوَقَّف عَلَيْهَا كَمَا فِي الْمنح.

قَوْله: (أما الزِّيَادَة فباطلة) أَي مَا لم تجزها الْوَرَثَة لانها وَصِيَّة لزوجته الوارثة، فَافْهَم.

قَوْله: (وَبيع مشَاهد) إِنَّمَا يكون مشاهدا بِالْبَيِّنَةِ على مَا تقدم.

قَوْلُهُ: (وَالْمَرِيضُ) بِخِلَافِ الصَّحِيحِ كَمَا فِي حَبْسِ الْعِنَايَةِ.

قَوْلُهُ: (لَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْمَرِيضِ، وَمُفَادُهُ أَن تَخْصِيص الصَّحِيح صَحِيح كَمَا فِي حَجْرِ النِّهَايَةِ شَرْحِ الْمُلْتَقَى.

قَوْلُهُ: (دين بعض الْغُرَمَاء) وَلَو غُرَمَاء

<<  <  ج: ص:  >  >>