للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بوديعة تحاصا) لانه لما بَدَأَ بالاقرار بِالدّينِ تعلق حق الْغَرِيم بالالف الَّتِي فِي يَده، فَإِذا أقرّ أَنَّهَا وَدِيعَة يُرِيد أَن يسْقط حق الْغَرِيم عَنْهَا فَلَا يصدق إِلَّا أَنه قد أقرّ بوديعة تعذر تَسْلِيمهَا بِفِعْلِهِ، فَصَارَت كالمستهلكة فَتكون دينا عَلَيْهِ، ويساوي الْغَرِيم الآخر فِي الدّين وَلَو أقرّ بوديعة ثمَّ بدين، فَصَاحب الْوَدِيعَة أولى بهَا لانه لما بَدَأَ بالوديعة ملكهَا الْمقر لَهُ بِعَينهَا، فَإِذا أقرّ بدين لم يجز أَن يتَعَلَّق بِمَال الْغَيْر ط عَن الْحَمَوِيّ.

قَوْله: (وبعكسه الْوَدِيعَة أولى) يَعْنِي أَن الالف الْمعِين يصرف للوديعة من غير محاصصة

فِيهِ، لِأَنَّهُ حِينَ أَقَرَّ بِهَا عَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ، ثُمَّ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ لَا يَكُونُ شَاغِلًا لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ جُمْلَةِ تَرِكَتِهِ.

بَزَّازِيَّة.

وَالْحَاصِل: أَن فِي الصُّورَة الاولى يتحاصان، وَفِي الصُّورَة الثَّانِيَة ينْصَرف للوديعة من غير تحاصص وَيلْزمهُ مَا أقرّ بِهِ، وَإِقْرَاره بِمَال فِي يَده إِنَّه بضَاعَة أَو مُضَارَبَة حكمه مسَاوٍ للوديعة كَمَا فِي الْبَدَائِع.

قَوْله: (وإبراؤه مديونه وَهُوَ مديون) أَي بمستغرق قُيِّدَ بِهِ احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِ الْمَدْيُونِ، فَإِنْ لم يكن مديونا وَأَبْرَأ الاجنبي فَهُوَ نَافِذ من الثُّلُث كَمَا فِي الْجَوْهَرَة.

قَالَ أَبُو السُّعُود فِي حَاشِيَة الاشباه مَا نَصه: لَيْسَ على إِطْلَاقه، بل يُقيد أَن لَا يبْقى لَهُ من المَال الفارغ عَن الدّين مَا يُمكن خُرُوج الْقدر المبرأ من ثلثه، وَلَا بُد من قيد آخر وَهُوَ أَن يكون لَهُ وَارِث وَلم يجز.

قَوْله: (للتُّهمَةِ) علله أَو السُّعُود فِي حَاشِيَة الاشباه بقوله: لَان إِبْرَاء الْوَارِث فِي مرض مَوته وَصِيَّة، وَهِي للْوَارِث لَا تجوز مَا لم يجز الْوَارِث الآخر، لَكِن الشَّارِح تبع الْمنح، والاظهر مَا نَقَلْنَاهُ عَن أبي السُّعُود.

قَوْله: (إِن كَانَ أَجْنَبِيًّا) إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ كَفِيلًا عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ، إذْ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ جَامع الْفُصُولَيْنِ.

وَلَو أقرّ بِاسْتِيفَائِهِ دَيْنَهُ مِنْهُ صُدِّقَ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْوَلوالجِيَّة.

قَوْله: (وَإِن كَانَ وَارِثا فَلَا يجوز) أَي سَوَاءٌ كَانَ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ أَصَالَةً أَوْ كَفَالَةً، وَكَذَا إقْرَارُهُ بِقَبْضِهِ وَاحْتِيَالِهِ بِهِ على غَيره.

فصولين.

قَوْله: (وحيلة صِحَّته الخ) قَالَ فِي الاشباه: وَهِي الْحِيلَة فِي إِبْرَاء الْمَرِيض وَارثه مرض مَوته، بِخِلَاف قَوْله أَبْرَأتك فَإِنَّهُ يتَوَقَّف كَمَا فِي حيل الْحَاوِي الْقُدسِي، وعَلى هَذَا لَو أقرّ الْمَرِيض بذلك لاجنبي لم تسمع الدَّعْوَى عَلَيْهِ بشئ من الْوَارِث، فَكَذَا إِذا أقرّ بشئ لبَعض ورثته كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّة.

قَوْله: (يَشْمَل الْوَارِث وَغَيره) صَرَّحَ بِهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ حَيْثُ قَالَ: مَرِيضٌ لَهُ عَلَى وَارِثِهِ دَيْنٌ فَأَبْرَأَهُ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْك شئ ثُمَّ مَاتَ جَازَ إقْرَارُهُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً اهـ.

وَيَنْبَغِي لَو ادّعى الْوَارِث الآخر أَن الْمُقِرُّ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ أَنْ يَحْلِفَ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَاذِبًا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: ادَّعَى عَلَيْهِ ديونا ومالا ووديعة فَصَالَحَ الطَّالِبُ عَلَى يَسِيرٍ سِرًّا وَأَقَرَّ الطَّالِبُ فِي الْعَلَانِيَةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمُدعى عَلَيْهِ شئ وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ الْمُدَّعِي ثُمَّ مَاتَ فَبَرْهَنَ الْوَارِثُ أَنَّهُ

كَانَ لِمُوَرِّثِي عَلَيْهِ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ وَإِنَّمَا قَصَدَ حِرْمَانَنَا لَا تُسْمَعُ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَارِثَ الْمُدَّعِي وَجَرَى مَا ذَكَرْنَا فَبَرْهَنَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ عَلَى أَنَّ أَبَانَا قصد حرماننا بِهَذَا الاقرار تسمع.

اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مَسْأَلَتِنَا كَذَلِكَ، لَكِنْ فرق فِي الاشباه بِكَوْنِهِ مُتَّهمًا فِي هَذِه الْإِقْرَارِ لِتَقَدُّمِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالصُّلْحِ مَعَهُ عَلَى يَسِيرٍ وَالْكَلَامُ عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةٍ عَلَى التُّهْمَةِ.

اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>