للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: وَكَثِيرًا مَا يَقْصِدُ الْمُقِرُّ حِرْمَانَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فِي زَمَانِنَا، وَتَدُلُّ عَلَيْهِ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ الْقَرِينَة مِنْ الصَّرِيحِ، فَعَلَى هَذَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ بِأَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمْ عَلَى قِيَامِ الْحَقِّ على الْمقر لَهُ، وَكَذَا الْحُكْمُ يَجْرِي لَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُقِرِّ فَيحلف، وَالنَّفْي عبر عَنهُ فِي الْبَحْر هُنَا بالاقرار، وَتارَة عبر عَنهُ بالابراء فِي أول الاقرار، وَفِي الصُّلْح، وَكَذَا البزازي، وَحِينَئِذٍ فَمَا فِي الْمَتْن إِمَّا إِقْرَار أَو إِبْرَاء، وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ لِلْوَارِثِ كَمَا فِي الْمُتُونِ والشروح، فَمَا فِي الْمَتْن هُنَا غَرِيب لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، لِئَلَّا يَصِيرَ حِيلَةً لِإِسْقَاطِ الْإِرْثِ الجبري مَعَ ضعفه، ويوضحه مَا لَو قَالُوا قصد حرماننا بذلك تسمع دَعوَاهُم كَمَا سَمِعت وَيَأْتِي، وَالله تَعَالَى أعلم.

قَوْله: (صَحِيح قَضَاء لَا ديانَة) لانه فِي الدّيانَة لَا يجوز إِذا كَانَ بِخِلَاف الْوَاقِع، وَنَفس الامر بِأَن كَانَ لَهُ فِي الْوَاقِع عَلَيْهِ شئ لاستلزامه إِيثَار بعض الْوَرَثَة، وحرمان الْبَعْض، إِذْ لَو قَالَ طابق الْوَاقِع إِقْرَاره بِأَن لم يكن عَلَيْهِ شئ لصَحَّ قَضَاء وديانة كَمَا لَا يخفى.

قَوْله: (إِلَّا الْمهْر) أَي إِذا قَالَت فِي مرض مَوتهَا لَا مهر لي عَلَيْهِ أَو لم يكن لي عَلَيْهِ مهر.

قَوْله: (على الصَّحِيح) مُقَابِله مَا فِي الْمنح عَن الْبَزَّازِيَّة معزيا إِلَى حيل الْخصاف قَالَت فِيهِ: لَيْسَ على زَوجي مهر أَو قَالَ فِيهِ لم يكن لي على فلَان شئ يبرأ عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ اهـ.

قَوْله: (لظُهُور أَنه عَلَيْهِ غَالِبا) لَعَلَّ المُرَاد مَا تعورف تأجليه غَالِبا.

تَأمل قَوْله (بِخِلَاف) رَاجع إِلَى.

قَوْله: (فَلَا يَصح) .

قَوْله: (فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى زَوْجِهَا فِيهِ) اعْلَم أَن صَاحب الاشباه استنبط هَذِه الْمَسْأَلَة من مَسْأَلَة الاقرار الْمصدر بِالنَّفْيِ، وَقَالَ: إِن هَذَا الاقرار مِنْهَا: أَي الْبِنْت بِمَنْزِلَة قَوْلهَا لَا حق لي فِيهِ، فَيصح وَلَيْسَ من قبيل الاقرار بِالْعينِ للْوَارِث لانه فِيمَا إِذا قَالَ هَذَا لفُلَان، فَلْيتَأَمَّل وَيُرَاجع الْمَنْقُول اهـ.

وَأقرهُ على ذَلِك المُصَنّف فِي منحه حَيْثُ قَالَ: وَفِي التاترخانية من بَاب إِقْرَار الْمَرِيض معزيا إِلَى

الْعُيُون: ادّعى على رجل مَالا وأثبته وأبرأه لَا تجوز بَرَاءَته إِن كَانَ عَلَيْهِ دين، وَكَذَا لَو أَبْرَأ الْوَارِث لَا يجوز سَوَاء كَانَ عَلَيْهِ دين أَو لَا، وَلَو أَنه قَالَ لم يكن لي على هَذَا الْمَطْلُوب شئ ثمَّ مَاتَ جَازَ إِقْرَاره فِي الْقَضَاء اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّة معزيا إِلَى حيل الْخصاف قَالَت فِيهِ: لَيْسَ لي على زَوجي مهر وَقَالَ فِيهِ لم يكن لي على فلَان شئ يبرأ عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ.

اهـ.

وفيهَا قبله وإبراء الْوَارِث لَا يجوز فِيهِ.

قَالَ فِيهِ: لم يكن لي عَلَيْهِ شئ لَيْسَ لوَرثَته أَن يدعوا عَلَيْهِ شَيْئا فِي الْقَضَاء، وَفِي الدّيانَة لَا يجوز هَذَا الاقرار، وَفِي الْجَامِع أقرّ الابْن فِيهِ أَنه لَيْسَ لَهُ على وَالِده شئ من تَرِكَة أمه صَحَّ، بِخِلَاف مَا لَو أَبرَأَهُ أَو وهبه، وَكَذَا لَو أقرّ بِقَبض مَاله مِنْهُ اهـ.

وَبِهَذَا علم صِحَة مَا أفتى بِهِ مَوْلَانَا صَاحب الْبَحْر: فِيمَا لَو أقرَّت الْبِنْت فِي مرض مَوتهَا بِأَن الامتعة الْفُلَانِيَّة ملك أَبِيهَا لَا حق لَهَا فِيهَا أَنه يَصح، وَلَا تسمع دَعْوَى زَوجهَا فِيهَا مُسْتَندا إِلَى مَا ذَكرْنَاهُ، وَقد خَالفه فِي ذَلِك شَيخنَا أَمِين الدّين بن عبد العال الْمصْرِيّ، وَأفْتى بِعَدَمِ الصِّحَّة مُسْتَندا إِلَى عَامَّة مَا فِي الْمُعْتَبرَات من أَن الاقرار للْوَارِث لَا يَصح، وَكثير من النقول الصَّحِيحَة يشْهد بِصِحَّة هَذَا: أَي إِفْتَاء صَاحب الْبَحْر، وَلَيْسَ هَذَا من قبيل الاقرار لوَارث كَمَا لَا يخفى.

قَالَ مَوْلَانَا صَاحب الْبَحْر: وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّة معزيا للذخيرة قَوْلهَا فِيهِ لَا مهر لي عَلَيْهِ أَو

<<  <  ج: ص:  >  >>