للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاجَة إِلَيْهِ.

قَوْله: (صَحِيح) لتكليفه شرعا لقَوْله تَعَالَى: * ((٤) لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى) * (النِّسَاء: ٣٤) خاطبهم تَعَالَى ونهاهم حَال سكرهم.

أشباه.

قَوْله: (أقيم عَلَيْهِ الْحَد فِي سكره) لَعَلَّه سبق قلم.

وَالصَّوَاب الْقصاص لانه لَا فَائِدَة فِي انْتِظَاره، وَأَشَارَ إِلَى أَن الْحَد تَارَة يقْصد بِهِ تَأْدِيب بإيصال الالم إِلَيْهِ، وَهَذَا لَا يحصل فِي حَال السكر فَلَا يُقَام عَلَيْهِ فِيهِ لانه لَا يحس بِهِ كَحَد الشّرْب وَالْقَذْف، وَتارَة يقْصد بِهِ تَأْدِيب غَيره أَو تَحْصِيل ثَمَرَته، وَإِن أقيم فِي حَال السكر لبَقَاء أَثَره بعده كالقود فَإِنَّهُ إِن كَانَ فِي النَّفس يحصل بِهِ إزهاق الرّوح، فَلَا فرق أَن يكون فِي حَال الصحو لحُصُول الْمَقْصُود بِهِ، وَهُوَ زجر غَيره أَن يفعل كَفِعْلِهِ، وَكَذَا فِيمَا دون النَّفس الْمَقْصُود بِهِ يحصل فِي حَال السكر أَو فِي حَال الصحو.

وَيَنْبَغِي أَن يكون حد السّرقَة كَذَلِك لبَقَاء أَثَره بعد الصحو.

قَوْله: (وَفِي السّرقَة يضمن الْمَسْرُوق) أَي لَو أقرّ بِالسَّرقَةِ يتَضَمَّن ذَلِك الاقرار حق الله، وَهُوَ إِقَامَة الْحَد وَحقّ العَبْد، وَهُوَ ضَمَان المَال فَلَا يلْزمه

الْحَد لدرئه بِالشُّبُهَاتِ، وَيصِح فِي حق العَبْد فَيضمن المَال الْمَسْرُوق.

قَوْله: (سعدي أَفَنْدِي) وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ.

وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: ذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ: وَلَا يُحَدُّ السَّكْرَانُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، لِأَنَّهُ إذَا صَحَا وَرَجَعَ بَطَلَ إقْرَارُهُ وَلَكِنْ يَضْمَنُ الْمَسْرُوقَ، بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ حَيْثُ يُقَامُ عَلَيْهِ فِي حَالِ سُكْرِهِ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي التَّأْخِيرِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ، لِأَنَّهُمَا مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ، فَأَشْبَهَ الاقرار بِالْمَالِ وَالطَّلَاق وَالْعتاق انْتهى.

وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ أَنَّ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي التَّأْخِيرِ مَحَلُّ بَحْثٍ، وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَصْحُوَ ثُمَّ يُحَدُّ لِلْقَذْفِ، ثُمَّ يُحْبَسُ حَتَّى يخف مِنْهُ الضَّرْبِ، ثُمَّ يُحَدُّ لِلسُّكْرِ.

ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ.

وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: قُيِّدَ بِالْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ لَوْ زنى أَو سرق فِي حَالِهِ يُحَدُّ بَعْدَ الصَّحْوِ، بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ، وَكَذَا فِي الذَّخِيرَة انْتهى.

أَقُول: لَكِن فِي قَوْله بِخِلَاف الاقرار أَن الاقرار كَذَلِك فَمَا وَجه الْمُخَالفَة.

تَأمل.

قَوْله: (إِلَّا فِيمَا يقبل الرُّجُوع كالردة) أَي وَلَو بسب النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهَا كَسَائِر أَلْفَاظ الرِّدَّة خلافًا لما قدمه الشَّارِح فِي بَابهَا.

وَكتب عَلَيْهِ سَيِّدي الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى كِتَابَة حَسَنَة حرر فِيهَا أَن الْقبُول هُوَ الْمَذْهَب، وَأَن عدم الْقبُول هُوَ مَذْهَب مَالك رَحمَه الله تَعَالَى فَارْجِع إِلَيْهِ.

وَالْحكمَة فِي عدم صِحَة إِقْرَاره فِيمَا يقبل الرُّجُوع أَن الرِّدَّة مَبْنِيَّة على الِاعْتِقَاد وَهُوَ يعْتَمد وجود الْعقل وَلَا عقل لَهُ مَعَ السكر وَلَو أقرّ، وَلذَا لَو ارْتَدَّ فِي سكره لَا تصح ردته، وَعَلِيهِ فَيَنْبَغِي أَن لَا تلْحقهُ أَحْكَام الْمُرْتَد من بينونة زَوْجَة وَنَحْوه، فَليُرَاجع.

أما من ثبتَتْ ردته بِالْبَيِّنَةِ وَأنكر فَإِن إِنْكَاره تَوْبَة فَتلْزمهُ أَحْكَام الْمُرْتَد كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.

قَوْله: (وَشرب الْخمر) أَي إِذا أقرّ وَهُوَ سَكرَان بِأَنَّهُ شرب الْخمر الَّذِي هُوَ فِيهِ أَو غَيره لَا يَصح إِقْرَاره فَلَا يُقَام عَلَيْهِ الْحَد، وَإِنَّمَا ترَتّب على الْبَيِّنَة مثلا الاحكام ط.

قَوْله: (لَا يعْتَبر) أَي إِقْرَاره.

قَوْله: (إِلَّا فِي سُقُوط الْقَضَاء) أَي قَضَاء الصَّلَاة أَزِيد من يَوْم وَلَيْلَة، فَتسقط بالاغماء لَا بالسكر، لانه بصنعه كَمَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>