للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الاشباه

قَوْله: (وَتَمَامه فِي أحكامات الاشباه) وعبارتها أَحْكَام السَّكْرَان هُوَ مُكَلّف لقَوْله تَعَالَى: * ((٤) لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى) * (النِّسَاء: ٣٤) خاطبهم تَعَالَى ونهاهم حَال سكرهم، فَإِن كَانَ السكر من محرم، فالسكرا مِنْهُ هُوَ الْمُكَلف، وَإِن كَانَ من مُبَاح فَلَا فَهُوَ كالمغمى عَلَيْهِ لَا يَقع طَلَاقه.

وَاخْتلف التَّصْحِيح فِيمَا إِذا سكر مكْرها أَو مُضْطَرّا فَطلق، وَقدمنَا فِي الْفَوَائِد أَنه مِنْ مُحَرَّمٍ كَالصَّاحِي إلَّا فِي ثَلَاثٍ: الرِّدَّةُ، وَالْإِقْرَارُ بِالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ، وَالْإِشْهَادُ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ، وزدت على الثَّلَاثَة: تَزْوِيج الصَّغِير وَالصَّغِيرَة بِأَقَلّ من مهر الْمثل أَو بِأَكْثَرَ فَإِنَّهُ لَا ينْعَقد.

الثَّانِيَة: الْوَكِيل بِالطَّلَاق صَاحِيًا إِذا سكر فَطلق لم يَقع.

الثَّالِثَة: الْوَكِيل بِالْبيعِ، وَلَو سكر فَبَاعَ لم ينفذ على مُوكله.

الرَّابِعَة: غصب من صَاح ورده عَلَيْهِ وَهُوَ سَكرَان وَهِي فِي فُصُول الْعمادِيَّة فَهُوَ كالصاحي، إِلَّا فِي سبع فيؤاخذ بأقواله وأفعاله، وَاخْتلف التَّصْحِيح بِمَا إِذا سكر من الاشربة المتخذة من الْحُبُوب أَو الْعَسَل، وَالْفَتْوَى على أَنه سكر محرم، فَيَقَع طَلَاقه وعتاقه وَلَو زَالَ عقله بالبنج لم يَقع وَعَن الامام أَنه إِن كَانَ يعلم أَنه بنج حِين يشرب يَقع وَإِلَّا فَلَا، وصرحوا بِكَرَاهَة أَذَان السَّكْرَان، واستحباب إِعَادَته وَيَنْبَغِي أَن لَا يَصح أَذَانه كَالْمَجْنُونِ.

وَأما صَوْمه فِي رَمَضَان فَلَا إِشْكَال أَنه إِن صَحا قبل خُرُوج وَقت النِّيَّة أَنه يَصح إِذا نوى، لانا لانشرط التبييت فِيهَا، وَإِذا خرج وَقتهَا قبل صحوة أَثم وَقضى، وَلَا يبطل الِاعْتِكَاف بسكره وَيصِح وُقُوفه بِعَرَفَات كالمغمى عَلَيْهِ، لعدم اشْتِرَاط النِّيَّة فِيهِ.

وَاخْتلفُوا فِي حد السَّكْرَان: فَقيل من لَا يعرف الارض من السَّمَاء وَلَا الرجل من الْمَرْأَة، وَبِه قَالَ الامام الاعظم.

وَقيل من فِي كَلَامه اخْتِلَاط وهذيان، وَهُوَ قَوْلهمَا وَبِه أَخذ أَكثر الْمَشَايِخ.

وَالْمُعْتَبر فِي قدح السكر فِي حق الْحُرْمَة مَا قَالَاه احْتِيَاطًا فِي الحرمات، وَالْخلاف فِي الْحَد وَالْفَتْوَى على قَوْلهمَا فِي إنتقاض الطَّهَارَة وَفِي يَمِينه لَا يسكر كَمَا بَيناهُ فِي شرح الْكَنْز.

تَنْبِيه قَوْلهم إِن السكر من مُبَاح كالاغماء، يسْتَثْنى مِنْهُ سُقُوط الْقَضَاء فَإِنَّهُ لَا يسْقط عَنهُ وَإِن كَانَ أَكثر من يَوْم وَلَيْلَة لانه بصنيعه.

كَذَا فِي الْمُحِيط انْتهى مَا ذكره فِي الاشباه.

قَالَ فِي نور الْعين: وَيلْحق السَّكْرَان بالصاحي فِي الْعِبَادَات والحقوق فَيلْزمهُ سَجْدَة تِلَاوَة وَقَضَاء

الصَّلَاة شح، وَإِذا أَفَاق يلْزمه الْوضُوء لَو كَانَ بِحَال لَا يعرف الذّكر من الانثى لَا كمغمى عَلَيْهِ، وَمن سكر من شراب محرم أَو من المثلث لزمَه كل التكاليف الشَّرْعِيَّة، وَيصِح جَمِيع عباراته وتصرفاته سَوَاء شرب مكْرها أَو طَائِعا.

بزدوي.

السكر لَو بمباح كشرب مكره، ومضطر، وَشرب دَوَاء، وَشرب مَا يتَّخذ من حبوب وَعسل عِنْد أبي حنيفَة كالاغماء يمْنَع من صِحَة طَلَاق، وعتاق وَسَائِر التَّصَرُّفَات، وَالسكر بمحظور كسكر من كل شراب محرم، ونبيذ المثلث، ونبيذ الزَّبِيب الْمَطْبُوخ الْمُعْتق لَا يُنَافِي الْخطاب، فَيلْزمهُ جَمِيع أَحْكَام الشَّرْع، وَتَصِح عباراته كلهَا بِطَلَاق وعتاق وَبيع وَشِرَاء، وأقارير، وَيصِح إِسْلَامه لَا ردته اسْتِحْسَانًا، وَلَو أقرّ بقصاص أَو بَاشر سَببا لزمَه حكمه، وَلَو قذف أَو أقرّ بِهِ لزمَه الْحَد، وَلَو زنى حد إِذا صَحا، وَلَو أقرّ أَنه سكر من خمر طَائِعا لم يحد حَتَّى يصحو فَيقْرَأ وَتقوم عَلَيْهِ الْبَيِّنَة، وَلَو أقرّ بشئ من الْحُدُود لم يحد إِلَّا فِي حد قذف، وتقام عَلَيْهِ الْحُدُود إِذا صَحا.

<<  <  ج: ص:  >  >>