للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا لَو أقرّ الْوَارِث أَنه قد استوفى جَمِيع مَا ترك وَالِده من الدّين على النَّاس ثمَّ ادّعى دينا على رجل تسمع دَعْوَاهُ انْتهى.

قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيّ: وَصِحَّة دَعْوَاهُ بِهِ لعدم مَا يمْنَع مِنْهَا، لانه إشهادة أَنه قبض جَمِيع تَرِكَة وَالِده الخ لَيْسَ فِيهِ إِبْرَاء الْمَعْلُوم عَنْ مَعْلُومٍ وَلَا عَنْ مَجْهُولٍ، فَهُوَ إقْرَارٌ مُجَرّد لَا يسْتَلْزم إِبْرَاء فَلَيْسَ مَانِعا من دَعْوَاهُ، ثمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ الحكم فِي إِقْرَار الْوَارِث أَنه استوفى دين وَالِده، فَلَا يمْنَع هَذَا الاقرار دَعْوَى الْوَارِث بدين لمورثه على خصم لَهُ، لانه إِقْرَار غير صَحِيح لعدم إبرائه شخصا معينا أَو قَبيلَة مُعينَة، وهم يُحصونَ، وَهَذَا بِخِلَاف الاباحة لكل من يَأْكُل شَيْئا من ثَمَرَة بستانه فَإِنَّهُ يجوز، وَبِه يُفْتى، وَبِخِلَاف الابراء عَن مَجْهُول لمعلوم فَإِنَّهُ صَحِيح كَقَوْل زيد لعَمْرو حاللني من كل حق لَك عَليّ فَفعل برِئ مِمَّا علم وَمِمَّا لم يعلم، وَبِه يُفْتى.

اهـ.

قَالَ فِي الخزانة: رجل قَالَ لآخر حاللني من كل حق لَك عَليّ: إِن كَانَ صَاحب الْحق عَالما بِمَا عَلَيْهِ برِئ الْمَدْيُون حكما وديانة، وَإِن لم يكن عَالما بِمَا عَلَيْهِ برِئ حكما لَا ديانَة فِي قَول مُحَمَّد.

وَقَالَ أَبُو يُوسُف: يبرأ حكما وديانة، وَعَلِيهِ الْفَتْوَى اهـ.

قبل وَإِن لم تسمع الدَّعْوَى لَا يحلف لَان الْيَمين فرع الدَّعْوَى، إِلَّا أَن يَدعِي عدم صِحَة إِقْرَاره بِأَن قَالَ كنت مكْرها فِي إقراري أَو كذبت فِيهِ فَإِنَّهُ يحلف الْمقر لَهُ فَقَوْلهم لعدم صِحَة الدَّعْوَى وَعدم التَّحْلِيف بعد الابراء الْعَام إِنَّمَا هُوَ فِيمَا إِذا لم يَقع النزاع فِي نفس الاقرار الَّذِي تبتني عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَالْيَمِين.

تَأمل.

وَلَا تغفل عِنْد الْفَتْوَى فَإِنَّهُ بحث بَعضهم معي فِي ذَلِك انْتهى.

حموي.

قَوْله: (صلح الْبَزَّازِيَّة) عبارتها: قَالَ تَاج الاسلام وبخط شيخ الْإِسْلَامِ وَجَدْتُهُ: صَالَحَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ وَأَبْرَأَ إبْرَاءً عَاما ثمَّ ظهر فِي التَّرِكَة شئ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الصُّلْحِ لَا رِوَايَةَ فِي جَوَازِ الدَّعْوَى، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: تَجُوزُ دَعْوَى حِصَّتِهِ مِنْهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا انْتَهَت.

قَوْله: (وَلَا تنَاقض) هَذَا وَارِد على مَا إِذا قَالَ الْوَارِث للْوَصِيّ قبضت تَرِكَة وَالِدي وَلم يبْق لي

حق من تَرِكَة وَالِدي لَا قَلِيل، وَلَا كثير، وَحَاصِل الابراء كَمَا فِي الْمنح وَأَصله لِابْنِ وهبان أَن قَوْلهم النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي تعم انْتقض، لَان قَوْله وَلم يبْق لي حق نكرَة فِي سِيَاق النَّفْي، فعلى مُقْتَضى الْقَاعِدَة لَا يَصح دَعْوَاهُ بعد ذَلِك لتناقضه، والمتناقض لَا تقبل دَعْوَاهُ وَلَا بَينته، ثمَّ أجَاب بِمَا ذكره الْمُؤلف ط.

قَوْله: (على أَن الابراء عَن الاعيان بَاطِل) أَي الصَّادِر من الْوَارِث للْوَصِيّ، وَالْمعْنَى: لَو أبقينا عُمُوم النكرَة لَا يَصح لما ذكره، وَظَاهر هَذَا، وَلَو ذكرت وَقت الصُّلْح حَيْثُ كَانَ الصُّلْح عَنْهَا نَفسهَا لَا عَن بدلهَا مستهلكة، لَان الابراء يَشْمَل الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير الَّتِي فِي يَد الْمُوصي أَو بَاقِي الْوَرَثَة، إِذْ هِيَ أَعْيَان وَالدّين مَا يكون ثَابتا فِي الذِّمَّة.

أَقُول: وكما أَن الابراء عَن الاعيان بَاطِل، فَكَذَا إجَازَة تلف الْمُتْلفَات.

قَالَ فِي الْوَجِيز من الدَّعْوَى: أتلف مَال إِنْسَان ثمَّ قَالَ الْمَالِك رضيت بِمَا صنعت وأجزت مَا صنعت لَا يبرأ اهـ.

وَأما الابراء عَن دَعْوَى الاعيان فَصَحِيح، ولوارثا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّة عَن الْعدة.

وَقَول المُصَنّف: فِي الصُّلْح أَو الابراء عَن دَعْوَى الْبَاقِي صَرِيح فِي ذَلِك، وَقَول الشَّارِح ثمَّة، وَظَاهر الرِّوَايَة الصِّحَّة مُطلقًا يُفِيد صِحَة الْبَرَاءَة عَن الاعيان، ثمَّ حَقَّقَهُ بِحمْل بطلَان الابراء عَن الاعيان على بُطْلَانه فِي الدّيانَة، وَقيد فِي الْبَحْر بطلَان الابراء عَن الاعيان بالانشاء، أما لَو على وَجه الاخبار، كَهُوَ برِئ مِمَّا لِي قِبَلَهُ فَهُوَ صَحِيحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>