للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ سَيِّدي الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى: وَيُمكن التَّوْفِيق بَين الْكَلَامَيْنِ بِأَن يُقَال: إِن قَامَت الْبَيِّنَة على إِقْرَاره يَنْبَغِي أَن لَا تسمع دَعْوَاهُ أَن بعضه رَبًّا، وَإِن قَامَت على أَن بعضه رَبًّا تقبل، فَتَأمل.

قَوْلُهُ: (مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ) أَيْ الْمِنَحِ.

قَوْلُهُ: (لزمَه مهر بِالدُّخُولِ) فِيهِ أَن إِقْرَاره بعد الدُّخُول أَنه طَلقهَا قبل الدُّخُول إِقْرَار بِالزِّنَا، وَلَيْسَ فِيهِ شُبْهَة دارئة للحد، لَا شُبْهَة فعل وَلَا شُبْهَة مَحل وَلَا شُبْهَة عقد، إِذا لم تذكر الْمَوْطُوءَة بعد الطَّلَاق قبل الدُّخُول فِي وَاحِدَة مِنْهَا وَلَا عدَّة عَلَيْهَا فَكيف يلْزمه الْمهْر، وَقد تتبعت الْمجمع وَغَيره فَلم أر فِيهِ سوى مَسْأَلَة وَاحِدَة فِي فصل الْمهْر وَهِي: وَلَو أَزَال عذرتها بِدفع وَطَلقهَا قبل الدُّخُول فَعَلَيهِ نصفه، وَأفْتى بكله.

وَفِي متن الْمَوَاهِب أُخْرَى وَتَقَدَّمت هُنَا فِي بَاب الْعدة وَهِي: لَو أقرّ بِطَلَاقِهَا مُنْذُ سِنِين فكذبته أَو قَالَت لَا أَدْرِي تَعْتَد من وَقت الاقرار وتستحق النَّفَقَة وَالسُّكْنَى، وَإِن صدقته اعْتدت من حِين الطَّلَاق.

وَقيل الْفَتْوَى على وُجُوبهَا من وَقت الاقرار بِلَا نَفَقَة اهـ.

قَالَ الشَّارِح: غير أَنه إِن وَطئهَا لَزِمَهَا مهْرَان، وَلَا نَفَقَةَ وَلَا كِسْوَةَ وَلَا سُكْنَى لَهَا لِقَبُولِ قَوْلهَا على نَفسهَا.

خَانِية.

قَالَ: ثمَّ لَو وَطئهَا حد: أَي بعد الثُّبُوت والظهور.

وَأفَاد فِي الْبَحْر أَنه بعد الْعدة لعدم الْحَد بوطئ الْمُعْتَدَّة اهـ.

فَتَأمل وراجع.

وَقد يُقَال: إِنَّمَا سقط الْحَد هُنَا لعدم الاقرار بِالزِّنَا أَرْبعا صَرِيحًا، فَتَأمل.

قَوْله: (وَسقط حَقه) قيل عَلَيْهِ الاقرار على الرَّاجِح إِخْبَار، وبنوا عَلَيْهِ أَنه إِذا أقرّ بشئ وَلم يكن مطابقا لنَفس الامر لَا يحل للْمقر لَهُ أَخذه، فغاية مَا حصل بالاقرار الْمُؤَاخَذَة بِهِ ظَاهرا، وَالسُّؤَال إِنَّمَا

هُوَ عَن سُقُوط الْحق حَقِيقَة فَأَيْنَ هَذَا من ذَاك؟ لَكِن الاقرار بِاسْتِحْقَاق فلَان الرّيع لَا يسْتَلْزم الاقرار بِكَوْنِهِ هُوَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ كَمَا قد يتَوَهَّم، كَمَا يَأْتِي تتمته قَرِيبا مَعَ بَيَان مَا فِيهِ عِنْد قَوْله: وَلَو كتاب الْوَقْف بِخِلَافِهِ.

قَالَ سَيِّدي الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى.

قَوْلُهُ: وَسَقَطَ حَقُّهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ سُقُوطُهُ ظَاهِرًا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ لَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُهُ: ثُمَّ إنَّ هَذَا السُّقُوطَ مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ عَادَ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ.

قَالَ السَّائِحَانِيُّ فِي مَجْمُوعَتِهِ: وَفِي الْخَصَّافِ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بِالْغَلَّةِ عَشْرَ سَنَوَاتٍ مِنْ الْيَوْمِ لِزَيْدٍ، فَإِنْ مَضَتْ رَجَعَتْ لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ أَو الْمقر قَبْلَ مُضِيِّهَا تَرْجِعُ الْغَلَّةُ عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ، فَكَأَنَّهُ صَرَّحَ بِبُطْلَانِ الْمُصَادَقَةِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ مَوْتِ الْمُقِرِّ.

وَفِي الْخَصَّافِ أَيْضًا: رَجُلٌ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ وَوَلَدِهِ ثُمَّ لِلْمَسَاكِينٍ فَأَقَرَّ زَيْدٌ بِهِ وَبِأَنَّهُ عَلَى بَكْرٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ بَطَلَ إقْرَارُهُ لِبَكْرٍ.

وَفِي الْحَامِدِيَّةِ: إذَا تَصَادَقَ جَمَاعَةُ الْوَقْفِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ وَلَدٍ فَهَل تبطل مصادقة الْمَيِّت فِي حَقه؟ الْجَوَابُ: نَعَمْ.

وَيَظْهَرُ لِي مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ مَنَعَ عَنْ اسْتِحْقَاقِهِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ إذَا مَاتَ فَوَلَدُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>