قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَفِيهِ نَوْعُ إشْكَالٍ، لِأَنَّ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ إسْقَاطٌ مَحْضٌ وَلِهَذَا لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ.
إلَّا أَنَّهُ كَإِبْرَاءِ الْأَصِيلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَحْلِفُ بِهِ كَمَا يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ لَا غَيْرِ الْمُتَعَارَفِ، وَلِذَا قُلْنَا: إذَا كَفَلَ بِمَالٍ عَنْ رَجُلٍ وَكَفَلَ بِنَفْسِهِ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ إنْ وَافَى بِنَفْسِهِ غَدا فَهُوَ برِئ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ فَوَافَى بِنَفْسِهِ بَرِئَ عَنْ المَال لانه تَعْلِيق بِشَرْط مُتَعَارَف فصح اهـ.
قَوْله: (لما تقرر الخ) قَالَ فِي الْمنح: إِنَّمَا لَا يَصح لَان الابراء الْمُعَلق تَعْلِيقا صَرِيحًا لَا يَصح، لَان الابراء فِيهِ معنى التَّمْلِيك وَمعنى الاسقاط، فالاسقاط لَا يُنَافِي تَعْلِيقه بِالشّرطِ وَالتَّمْلِيك يُنَافِيهِ فراعينا الْمَعْنيين.
وَقُلْنَا: إِن كَانَ التَّعْلِيق صَرِيحًا لَا يَصح وَإِن لم يكن صَرِيحًا يَصح.
اهـ.
قَوْله: (لانه تمْلِيك من وَجه) بِدَلِيل أَنه لَا يرْتَد بِالرَّدِّ والتمليكات لَا تحْتَمل التَّعْلِيق بِالشّرطِ، وَهُوَ إِسْقَاط أَيْضا بِدَلِيل أَنه لَا يتَوَقَّف على الْقبُول والاسقاط يحْتَمل ذَلِك، فلمعنى التَّمْلِيك فِيهَا قُلْنَا: إِذا صرح بِالتَّعْلِيقِ بِالشّرطِ لم يَصح، ولمعنى الاسقاط إِذا لم يُصَرح بِالتَّعْلِيقِ بِالشّرطِ بتقييد.
كَذَا فِي الْكَافِي.
قَوْله: (وَإِن قَالَ الْمَدْيُون لآخر سرا الخ) هَذَا الْقَيْد أهمله فِي الْكَنْز وَلم يُنَبه عَلَيْهِ شَارِحه الزَّيْلَعِيّ، وَنبهَ عَلَيْهِ ملا مِسْكين وَصَاحب الدُّرَر وملتقى الابحر وَالْهِدَايَة وَعبارَته بعد ذكر الْمَسْأَلَة مُطلقَة.
وَمعنى الْمَسْأَلَة.
إِذا قَالَ ذَلِك سرا، أما إِذا قَالَ عَلَانيَة يُؤْخَذ بِهِ، لَان قَوْله لَا أقرّ بِمَالك الخ يتَضَمَّن الاقرار بِهِ حَيْثُ أَضَافَهُ إِلَيْهِ بقوله مَالك، أَو لانه تَعْلِيق الاقرار بِالشّرطِ فَيلْزم فِي الْحَال، وَلذَا قيد بِهِ ملا مِسْكين فِي عبارَة الْكَنْز حَيْثُ لم تتقيد بقوله، سرا كَمَا علمت، وَقد عزاهُ هُنَا وَفِي الْبَحْر إِلَى الْمُجْتَبى، وَلَكِن النّظر إِلَى الْعلَّة الَّتِي ذكرهَا الزَّيْلَعِيّ وَغَيره وَهِي كَونه لَيْسَ بمكره لتمكنه من إِقَامَة الْبَيِّنَة أَو التَّحْلِيف فينكل، وَهُوَ نَظِير الصُّلْح مَعَ الانكار لَان كل وَاحِد مِنْهُمَا لَا يُنَافِي الطوع، وَالِاخْتِيَار فِي تصرفه أقْصَى مَا فِي الْبَاب أَنه
مُضْطَر، لَكِن الِاضْطِرَار لَا يمْنَع من نُفُوذ تصرفه كَبيع مَاله بِالطَّعَامِ عِنْد المخمصة يُوجب التَّسْوِيَة بَين الْحَالَتَيْنِ فَتَأمل.
ذكره الرَّمْلِيّ.
أَقُول: معنى الاخذ: أَي بِإِقْرَارِهِ وَهُوَ.
قَوْله: (بِمَالك) وَالْمَال مَجْهُول فَيُؤْمَر ببيانه وَلَا يلْزمه مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي لعدم إِقْرَاره بِهِ.
تَأمل.
قَوْله: (قَوْله بِمَالك) بِفَتْح اللَّام وَكسرهَا.
حموي.
قَوْله: (صَحَّ) أَي فَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالبَة فِي الْحَال بعد التَّأْخِير وَلَا فِي المحطوط كَمَا فِي الْمنح.
قَوْله: (لانه لَيْسَ بمكره) لانه لَو شَاءَ لم يفعل ذَلِك إِلَى أَن يجد الْبَيِّنَة، أَو يحلف فينكل عَن الْيَمين.
إتقاني.
وَقَوله: وَلَيْسَ بمكره على صِيغَة اسْم الْمَفْعُول، إِذْ يُمكنهُ أَن يبرهن أَو يحلفهُ فينكل عَن الْيَمين فَفعله بِلَا شُرُوع إِلَى أَحدهمَا كَانَ رضَا بذلك فنفذ فَيكون كصلح عَن إِنْكَار، وَمن ذَلِك ذكرت هَذِه الْمَسْأَلَة هُنَا، هَذَا هُوَ الْمُوَافق لما فِي غَايَة الْبَيَان وَشرح الْمَقْدِسِي، وَمَا فِي الْكِفَايَة يَقْتَضِي كَون الضَّمِير الْمَنْصُوب عَائِد إِلَى الْمَدْيُون، وَأَن يكون مكره على صِيغَة اسْم الْفَاعِل كَمَا فسر بِهِ الْبَعْض هُنَا، والاول هُوَ الْمُتَبَادر كَمَا لَا يخفى.
قَوْله: (عَلَيْهِ) جعل لفظ عَلَيْهِ صلَة لمكره وَهُوَ خلاف مَا فِي الْعَيْنِيّ والدرر.
قَالَ الْعَيْنِيّ عِنْد قَول الْكَنْز صَحَّ: أَي هَذَا الْفِعْل