للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّفْرِيع نظر، لَان الاصل أَن يقبض من الدّين شَيْئا، وَهَذَا صلح من نصِيبه لَا قبض.

تَأمل.

قَوْله: (أَي على خلاف جنس الدّين) احْتِرَاز عَمَّا إِذا كَانَ على جنسه كَمَا تقدم فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُ فِيهِ أَوْ يَرْجِعُ عَلَى الْمَدِينِ، وَلَيْسَ لِلْقَابِضِ فِيهِ خِيَارٌ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَبْضِ بَعْضِ الدّين.

قَوْله: (أَخذ الشَّرِيك الآخر نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الدَّيْنِ مِنْ غَرِيمِهِ أَوْ أَخذ نصف الثَّوْب، لَان الصُّلْح وَقع عَن نصف الدّين وَهُوَ مشَاع، وَقِسْمَة الدّين حَال كَونه فِي الذِّمَّة لَا تصح، وَحقّ الشَّرِيك مُتَعَلق بِكُل جُزْء من الدّين فَيتَوَقَّف على إِجَازَته وَأَخذه النّصْف دَال على إجَازَة العقد فَيصح ذَلِك.

قَوْله: (إِلَّا إِن ضمن) أَي الشَّرِيك الْمصَالح.

قَوْله: (ربع الدّين) يَعْنِي إِلَّا أَن يغرم لَهُ حِصَّته من أصل الدّين الْوَاصِل بِوَاسِطَة الصُّلْح.

وَأفَاد أَنَّ الْمُصَالِحَ مُخَيَّرٌ إذَا اخْتَارَ شَرِيكُهُ إتْبَاعَهُ، فَإِنْ شَاءَ دَفَعَ لَهُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ لَهُ رُبْعَ الدَّيْنِ.

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الصُّلْحِ عَنْ إقْرَارٍ أَو غَيره وَبعد ضَمَان الْمصَالح الرّبع لَا يكون للْآخر سَبِيل على الثَّوْب.

وَحَاصِله: أَن الشَّرِيك الآخر مُخَيّر بَين الِاتِّبَاع للمديون وَالشَّرِيك الْمصَالح، وَأَن الْمصَالح مُخَيّر فِي دفع نصف الثَّوْب الْمَقْبُوض وَربع الدّين، وَلم يلْزم عَلَيْهِ دفع الرّبع لاحْتِمَال تضرر الْمصَالح، لَان الصُّلْح

على الْحَط غَالِبا فَيكون مَا اسْتَوْفَاهُ أنقص، بل يحْتَمل أَن لَا يبْقى لَهُ شئ من مقبوضه، وَأَشَارَ بِكَوْن الْبَدَل ثوبا إِلَى أَن هَذَا فِيمَا كَانَ بدل الصُّلْح خلاف جنس الدّين.

أما إِذا وَقع على جنسه لَيْسَ للْمصَالح خِيَار فِيهِ بل لشَرِيكه الْمُشَاركَة فِي الْمَقْبُوض أَو يرجع على الْمَدْيُون لانه بِمَنْزِلَة قبض بعض الدّين كَمَا فِي الْمَبْسُوط.

وَأطلق الصُّلْح فَشَمَلَ مَا يكون عَن إِقْرَار أَو سكُوت أَو إِنْكَار.

ثمَّ الْحِيلَة فِي أَن لَا يرجع عَلَيْهِ شَرِيكه أَن يهب لَهُ الْغَرِيم مِقْدَار حَظه من الدّين ويقبضه ثمَّ يُبرئهُ عَن حَظه أَو يَبِيعهُ شَيْئا يَسِيرا وَلَو كفا من زبيب بِقدر حِصَّته من الدّين ثمَّ يُبرئهُ عَن الدّين وَيَأْخُذ ثمن الْمَبِيع كَمَا فِي الذَّخِيرَة والتتمة.

قَوْله: (فَلَا حق لَهُ فِي الثَّوْب) لَان حَقه فِي الدّين وَقد ضمنه لَهُ، وَقد علم أَن الْخِيَار للْمصَالح.

وَالْحَاصِل: أَن فِي تَخْيِير الشَّرِيك قيدين: أَن يكون الْمصَالح عَنهُ دينا والمصالح عَلَيْهِ ثوبا.

فَإِن كَانَ الْمصَالح عَنهُ عينا مُشْتَركَة لَيْسَ لشَرِيكه أَن يُشَارِكهُ فِيهِ، وَلَو كَانَ الْمصَالح عَلَيْهِ من جنس الدّين شَاركهُ الشَّرِيك أَو يرجع على الْمَدِين.

وَالْفرق بَين الصُّلْح على الْجِنْس وَغَيره أَنه إِذا صَالحه على الْجِنْس يُشَارِكهُ الشَّرِيك فِيهِ أَو يرجع على الْغَرِيم، وَفِي الصُّلْح على خلاف الْجِنْس كَذَلِك، إِلَّا أَن يضمن لَهُ ربع الدّين لَان حَقه فِي الدّين لَا فِي الثَّوْب.

قَوْله: (ضمنه شَرِيكه الرّبع) يَعْنِي إِن شَاءَ لانه صَار قَابِضا حَقه بالمقاصة وَلَا ضَرُورَة عَلَيْهِ، لَان مبْنى البيع على المماكسة، بِخِلَاف الصُّلْح لَان مبناه على الاغماض والحطيطة، فَلَو ألزمناه دفع ربع الدّين لتضرر.

لَا يُقَال: قسْمَة الدّين قبل الْقَبْض لَا تتَصَوَّر فَكيف تتَصَوَّر الْمُقَاصَّة فِيهِ.

لانا نقُول: قسْمَة الدّين قبل الْقَبْض تجوز ضمنا، وَإِنَّمَا لَا تجوز قصدا وَهنا وَقعت الْقِسْمَة فِي ضمن صِحَة الشِّرَاء وَصِحَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>