للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قبله مَا ضره، وَقَوله ابْتِدَاء ظَاهره أَنَّهَا لَا تكون فِي الْبَقَاء كَذَلِك مَعَ أَنَّهَا تكون أَمَانَة فِيهِ فَحكم الِابْتِدَاء والبقاء سَوَاء.

فَإِن قيل: أَرَادَ الايداع حَقِيقَة وَهِي فِي الْبَقَاء أَمَانَة قُلْنَا: هَذَا غير ظَاهر، فَتدبر ط.

قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: سَيَأْتِي أَنَّ الْمُضَارِبَ يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ فِي الْمُطْلَقَةِ مَعَ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُودِعَ لَا يُودَعُ، فَالْمُرَادُ فِي حُكْمِ عَدَمِ الضَّمَانِ بِالْهَلَاكِ وَفِي أَحْكَامٍ مَخْصُوصَةٍ لَا فِي كل حكم فَتَأمل.

قَوْله: (وَمن حيل الضَّمَان الخ) لَيست هَذِه حِيلَة فِي الْمُضَاربَة بل قد خرج العقد إِلَى الشّركَة فِي رَأس المَال.

وَذكر الزَّيْلَعِيّ حِيلَة أُخْرَى أَيْضا فَقَالَ: وَإِذا أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُضَارِبَ بِالْهَلَاكِ يُقْرِضُ الْمَالَ مِنْهُ ثُمَّ يَأْخُذُهُ مِنْهُ مُضَارَبَةً ثمَّ يبضع الْمضَارب كَمَا فِي الْوَاقِعَات.

وَذكر هَذِه الْحِيلَة الْقُهسْتَانِيّ.

وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا تَكُونُ شَرِكَةَ عَنَانٍ شُرِطَ فِيهَا الْعَمَلُ عَلَى الْأَكْثَرِ مَالًا وَهُوَ لَا يَجُوزُ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ عَنْ الْأَصْلِ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ.

تَأَمَّلْ.

وَكَذَا فِي شَرِكَةِ الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ لِأَحَدِهِمَا أَلْفٌ وَلِآخَرَ أَلْفَانِ وَاشْتَرَكَا وَاشْتَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى صَاحِبِ الْأَلْفِ وَالرِّبْحَ أَنْصَافًا جَازَ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَا الرِّبْحَ وَالْوَضِيعَةَ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَالْعَمَلَ مِنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ جَازَ، وَلَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ

عَلَى صَاحِبِ الْأَلْفَيْنِ وَالرِّبْحَ نِصْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ الشَّرْطُ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، لِأَنَّ ذَا الْأَلْفِ شَرَطَ لِنَفْسِهِ بَعْضَ ربح الْآخَرِ بِغَيْرِ عَمَلٍ وَلَا مَالٍ، وَالرِّبْحُ إنَّمَا يسْتَحق بِالْعَمَلِ أَو المَال أَوْ بِالضَّمَانِ اهـ مُلَخَّصًا.

لَكِنْ فِي مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ شَرَطَ الْعَمَلَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَا على صَاحب الاكثر فَقَط وَهُوَ صَحِيح سَالم من الْفساد كَمَا سيصرح بِهِ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الرِّبْحِ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ كَمَا قدمْنَاهُ عَن الْبَحْر، إلَّا إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَمَلٌ فَيَصِحُّ أَنْ يكون أَكثر رِبْحًا بِمُقَابَلَةِ عَمَلِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا يَصح التَّفَاوُت أَيْضا تَأمل.

قَوْله: (ثمَّ يعْقد شركَة عنان) وَهِي لَا يلْزمهَا أَن يكون الرِّبْح فِيهَا على قدر المَال فَلَهُمَا أَن يتَّفقَا على منصافة الرِّبْح.

ح

قَوْله: (على أَن يعملا) ذكره لانه لَو شَرط الْعَمَل على أَحدهمَا فَسدتْ كَمَا مر فِيهَا والمفسد اشْتِرَاط عمل أَحدهمَا لَا الاطلاق.

قَوْله: (ثمَّ يعْمل الْمُسْتَقْرض فَقَط) أَي بِطيب نفس مِنْهُ لَا بِشَرْط عَلَيْهِ، لَان شَرط الشّركَة أَن يكون الْعَمَل عَلَيْهِمَا كَمَا قَالَ على أَن يعملا، لَكِن الشَّرْط إِنَّمَا هُوَ اشْتِرَاط الْعَمَل عَلَيْهِمَا لَا وجوده مِنْهُمَا، فَإِن الْعَمَل لَا يَتَأَتَّى من اثْنَيْنِ عَادَة فَيصح أَن ينْفَرد أَحدهمَا بِهِ بعد أَن شَرط عَلَيْهِمَا كَمَا هُوَ مُقْتَضى عقد الشّركَة وَيكون الرِّبْح بَينهمَا على حسب الشَّرْط، لَان كلا مِنْهُمَا وَكيل بِمَا يعمله عَن صَاحبه فَيَقَع شِرَاء كل لَهما بالاصالة عَن نفس الْمُبَاشر، وبالوكالة عَن شَرِيكه لَان الشّركَة تتضمنها وَيكون الرِّبْح على حسب الشَّرْط كَمَا تقدم فِي بَابهَا.

قَوْله: (وتوكيل مَعَ الْعَمَل) حَتَّى يرجع بِمَا لحقه من الْعهْدَة عَلَيْهِ.

منح.

كَمَا لَو رد على الْمضَارب بِالْعَيْبِ وَلم يُوجد مَا يُؤَدِّي ثمنه من مَال الْمُضَاربَة أَو اسْتحق فِي يَد المُشْتَرِي وَرجع على الْمضَارب بِثمنِهِ وَلم يُوجد مَا يُؤَدِّيه فَأدى من مَال نَفسه يرجع إِلَى رب المَال.

هَذَا مَا ظهر لي وكما سيجئ من قَوْله شرى عبدا بألفها وَهلك الالف قبل نَقده دفع المَال ثمنه ثمَّ وَثمّ: يَعْنِي يرجع الْمضَارب بِالثّمن على الْمَالِك.

<<  <  ج: ص:  >  >>