للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال سعيد بن عفير: لما هرب موسى من منف خوفا من فرعون وقومه وحصل بطوى، سجد لله شكراً، فسجدت معه كل شجرة بطوى، فكل شجرة بطوى منكسة إلى القبلة، وأن موسى عليه السلام ناجى ربه بوادي المقطم، وله فيه مسجد (١).

وقال عبد الله بن لَهِيعَة وقد نظر إلى الجبل المقطم: إن عيسى بن مريم عليه السلام خرج من سفح الجبل وعليه جبة صوف وقد شد وسطه بشريط وأمه إلى جانبه، فالتفت إليها فقال: يا أمه، هذه مقبرة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وفي بعض الأخبار أنه قال لها: هذه مقبرة أمة الفارقليط-يعني النبي صلى الله عليه وسلم (٢).

وقال عمرو بن العاص للمقوقس: ما بال جبلكم هذا أقرع لا نبات فيه كجبال الشام، فلو شققنا في سفحه نهراً من النيل، وغرسنا فيه نخلاً؟ فقال المقوقس: وجدنا في الكتب أنه كان أكثر الجبال أشجاراً ونباتاً وفاكهة، وكان ينزله المقطم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام، فلما كانت الليلة التي كلم الله فيها موسى أوحى إلى الجبال: إني مكلم نبياً من أنبيائي على جبل منكم، فسمت الجبال وتشامخت، إلا جبل بيت المقدس، فإنه هبط وتصاغر، فأوحى الله تعالى إليه لم فعلت ذلك؟ وهو به أعلم، فقال: إعظاماً وإجلالاً لك يا رب! فأمر الله الجبال أن يحبوه، كل جبل مما عليه من النبات، وجاد له المقطم بكل ما عليه، حتى بقى كما ترى، فأوحى الله إليه: إني معوضك على فعلك بشجر الجنة، أو بغراس الجنة (٣).

وقيل لبعض علماء مصر: ما بال الجبال بالشام تنبت الجوز، والبلوط،


(١) المصدر السابق.
(٢) المقريزى: الخطط ج ١ ص ١٢٤، وابن ظهيرة ص ٨٣، والسيوطى: حسن المحاضرة ج ١ ص ١٣٨. والفار قليط: الرسول المبشر به.
(٣) ابن الكندى: فضائل مصر ص ٤٥، والبكرى: جغرافية مصر من كتاب الممالك والمسالك ص ٧٩، وابن سعيد: المغرب ص ١١، وابن ظهيرة ص ١٠٨، والسيوطى: حسن المحاضرة ج ١ ص ١٣٨