للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فانتبه الراهب فقال: أحييتني مرتين، والله لأعطينك ديتي مرتين. كم الدية عند العرب؟ فقال: مائة من الإبل فقال: لسنا أصحاب الإبل، ولكن أصحاب دنانير. فقال له الدية ألف دينار. فقال له صِر إلى مصر أعطينك ديتي مرتين، فسار معه عمرو إلى مصر، فانتظر أصحابه ببيت المقدس فأعطاه ذلك، ورأى عمرو طريق مصر وملكها (١).

فلما فتح عمر بن الخطاب الشام حسن له عمرو المسير إلى مصر فامتنع عُمر، فلم يزل به عَمرو حتى أنفذه في أربعة آلاف فقاتلوه بالفرما ثم هزمهم إلى قصر الشمع وحاصرهم ستة أشهر.

وكتب إلى عمر بن الخطاب يستمده، فأمده بثمانية آلاف منهم أربعة آلاف رجل، وأربعة حسبهم عليه بأربعة آلاف لأنهم كانوا يعدون كذلك، منهم: الزبير ابن العوام، وعبادة بن الصامت، والمقداد بن الأسود، وخارجة بن حذافة (٢).

وفتحت مصر وامتنع عمرو من قسمتها وطالبه الزبير بقسمتها، فكتب إلى عمر يستأذنه، فقال: لا تقسمها. ومن هذا زعم الليث بن سعد فقيه مصر أنها فتحت صلحا. وقال مالك: فتحت عنوة، وبلغ قوله الليث فقال: نحن أعلم ببلدنا (٣).

ذكر من ملك مصر في الإسلام

ملك مصر في الإسلام من الولاة والخلفاء منذ فتحها عمرو بن العاص في سنة عشرين من الهجرة إلى سلخ شعبان سنة اثنتين وستين وثلاثمائة [خمسة ومائة] أولهم: عمرو بن العاص، وآخرهم جوهر. منهم أربعة عشر من بني هاشم، وعشرة من قريش واثنان من الأنصار، وسبعة وثلاثون من سائر العرب، واثنان وأربعون من الموالي، إلى أن دخلها المعز لدين الله أبو تميم معدّ بن إسماعيل


(١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ص ٧٤
(٢) حسن المحاضرة ج ١ ص ١٠٨
(٣) نفس المصدر ص ١٢٧