للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانتهى الأمر في ملك مصر أن تنازعت فيه الروم والفرس، واقتتلوا. وكان المسلمون بالحجاز إذا بلغهم ظهور الروم على الفرس فرحوا فلما اقتتل الفريقان وظهرت الفرس على الروم، بلغ المسلمين فساءهم، فأنزل الله تعالى: {الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ} [سورة الروم ١ - ٥] فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أنزل عليه فسرهم ذلك (١).

ثم اتفق الأمر بين الروم والفرس، وأن تكون مصر بينهم نصفين فيها صاحب لهرقل، وصاحب لكسرى، فكل ما بمصر من بناء بالآجر فهو للفرس، وما فيها من بناء الحجارة للروم (٢).

ومنها القبة التي في قصر الشمع هي اليوم مسجد مبنية بالحجر، وكانت بيت نار للفرس، وأتى الله عز وجل بالإسلام فأزال الجميع (٣).

ولما فتح عمرو بن العاص مصر وأجلى من فيها من المشركين إلى الإسكندرية وخرج إلى الإسكندرية ففتحها، واصطلح مع المقوقس خليفة هرقل فصار في جملة عَمرو خلق من الروم والقبط، ففرق عمرو بين الروم والفرس وجعلهم في طرفي البلد، فأسكن الروم الحمراوات، وبهم سميت الحمراء، وأسكن الفرس بني وائل ولهم إلى اليوم مسجد يعرف بمسجد الفارسيين.

وكان عمرو بن العاص قد سافر في الجاهلية إلى بيت المقدس مع رفقاء له يرعون إبلاً لهم، فنزل على عمرو راهب في يوم شديد الحر وهو يرعى إبل أصحابه ونام عنده بعد أن سقاه ماء، وخرجت حية تريد الراهب فقتلها عمرو،


(١) ابن ظهيرة ص ١٩
(٢) ابن ظهيرة ص ١٨
(٣) نفس المصدر.