يرجح أن ابن زولاق استعان بمنهج عمر بن أبى عمر الكندى-وكان من شيوخه-فى كثير من كتاباته فى فضائل مصر المحروسة لتطابق نصوص الكتابين فى كثير من الأحيان. أو لعله يعود إلى تشابه المصادر لدى كل منهما.
وكان من الطبيعى أن يتجه اهتمام ابن زولاق إلى التاريخ، فهذه مصر ماثلة أمامه بآثارها القديمة، تحكى أمجاد وطنه العريق وتكشف عن دوره الخالد فى خدمة الحضارة الإنسانية، وإذا كان المصريون على عهد ابن زولاق قد باعد الزمان بينهم وبين هذه العصور السحيقة، فكانوا لا يعرفون حق المعرفة ما تمثله هذه الآثار وما عليها من كتابات ونقوش، ومن ثم كان عمل ابن زولاق شاقا وعسيرا فى كتاباته عن هذه المرحلة الهامة من تاريخ مصر:«وذلك بسبب افتقار الباحثين فى التاريخ القديم من حيث الخبرة بالكشوف واللغة الهيروغليفية، وهى أمور لم يصل العلم إلى كشف أسرارها إلا فى مطلع العصر الحديث، ولذا لم يكن عجبا أن يلتمس هذا المؤرخ الوطنى سبيله إلى دراسة هذه الحقبة الخالدة من تاريخ مصر عن طريق القصص التى رددتها شفاه المعاصرين له، والتى امتلأت بها مجالسهم الخاصة والعامة، ولا ينتقص من قيمة هذه المحاولة أن القصص التى سردها ابن زولاق حفلت بالخيال الواسع، أو لأنها ابتعدت عن منهج البحث الذى نعرفه فى وقتنا الحاضر، إذ يكفى هذا المؤرخ فخرا أنه نجح فى إثارة غريزة حب الاستطاع عند مواطنيه فى تاريخ وطنهم القديم، وتلمس الروابط القيمة بين حاضرهم إذ ذاك وماضيهم التليد»(١).
وإذا كان حديث ابن زولاق عن تاريخ مصر القديمة أقرب إلى الأساطير منه إلى التاريخ فى بعض موضوعاته، فإنه كلما اقترب من أحداث الفتح اتسمت كتاباته بكثير من الدقة التاريخية.