للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولولا أنى أشرطت (١) الاختصار وأن أذكر عيون كل من الأخبار لأطلت كتابي هذا.

[ذكر صفة مصر وخبرها، وذكر المأمون لها والجواب]

قال سعيد بن عُفَير: كنت بحضرة المأمون بمصر حين قال وهو في قبة الهواء: لعن الله فرعون حين يقول {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي} [سورة الزخرف:٥١]

فلو رأى العراق! فقلت: يا أمير المؤمنين لا تقل هذا، فإن الله عز وجل يقول: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ} [سورة الأعراف:١٣٧].

فما ظنك يا أمير المؤمنين بشيء دمره الله هذا بقيته؟ فقال: ما قَصَّرت يا سعيد. فقلت: يا أمير المؤمنين لقد بلغنا أن أرضاً لم تكن أعظم من [أرض] مصر، وجميع أهل الأرض يحتاجون إليها (٢).

وكانت الأنهار بقناطر وجسور بتقدير، حتى إن الماء يجرى تحت منازلها وأفنيتها فيحبسونه كيف شاءوا، ويرسلونه كيف شاءوا (٣).

وكانت البساتين بحافتي النيل من أوله إلى آخره، في الجانبين جميعا ما بين أسوان إلى رشيد إلى الشام لا تنقطع. وكانت المرأة تخرج غير مختمرة، لا تحتاج إلى خمار، لكثرة الشجر ولقد كانت الأمة تضع المكتل على رأسها فيمتلئ مما يسقط من الشجر (٤).

وكان بها سبعة خلج: خليج الإسكندرية، وخليج دمياط، وخليج سردوس، وخليج منف، وخليج سخا، وخليج الفيوم، وخليج المنهي، كل خليج منها يتفجر إلى عدة خلج (٥).


(١) أشرط نفسه لكذا: أعلمها وأعدّها (القاموس)
(٢) ابن ظهيرة ص ١١١ وما بين حاصرتين منه.
(٣) المصدر السابق.
(٤) نفس المصدر.
(٥) ابن ظهيرة ص ١١٢