قال يزيد بن أبي حبيب فقيه مصر: أقلعت أهل مصر عن التشيع إلا جماعة- يعني بيت بني لهيعة وبني نباتة-وكان أهل مصر يكتبون بمسائلهم إلى جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه، ولا يعدلون عن فتياه. ولما قدم عليهم إسحاق بن جعفر بن محمد حَفُّوا به كالكعبة، ولما توفيت زوجته نفيسة بنت الحسن بن زيد، أراد حملها معه إلى المدينة، فمنعه أهل مصر، واتخذوا قبرها مشهدا وهو باق معروف اليوم.
وأما البيوتات المعروفة بمصر بالتشيع المكشوفة قديما، فمنها: بيت عبد الله بن لهيعة، وعباس بن لهيعة، وقد كان الليث بن سعد فقيه مصر لما أحرقت دار عبد الله بن لهيعة، أرسل إليه الليث بألف دينار وقال: استعن بهذه واعفنا من فضائل علي بن أبي طالب، فأخذها عبد الله بن لهيعة وأنفذ إليه حديثا من فضائل علي رضي الله عنه ليغيظ به الليث.
ومنها بيت الحسن بن علي بن زولاق، جد أبي، بيت علم ونسك وفقه ورواية، وإنما احتمل به التشيع لفقهه وإتقانه وتفقهه في الرواية، وكان مقبول الشهادة منذ عشرين ومائتين إلى أن توفى سنة ثلاث وثمانين ومائتين. وكان المتوكل يكاتبه، وكان عليه قول لا يملى حديثاً أو يبتدئ بفضائل علي رضي الله عنه، وكان بعده ابنه الحسين جدي، وابن ابنه إبراهيم والدي رحمه الله.
ومنهم الحسين بن محمد مأمون (١)، وكان فقيها محدِّثاً متشيعاً مقبول الشهادة عند القضاة متختماً في يمينه.
ومنهم أيضا عبيد الله بن الفضل بن هلال، كان محدِّثاً متشيعاً كثير الرواية.
ومنهم أيضا محمد بن أحمد بن سليم، كان فقيها محدِّثاً متشيعاً مؤلفاً للكتب على مذهب أهل البيت.
وأما أهل بيوتات الكتبة والتشيع: فبيت بني أسباط، وبني شلقان، وبني نباتة.
وممن سكن مصر وأظهر التشيع من الكُتَّاب: أبو الحسين محمد بن الحسين ابن عبد الوهاب، ومحمد بن عبد الرحمن الروذباري.