للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر ما يوافق أيام الشهور القبطية من الأعمال في الزراعات وزيادة النيل

وغير ذلك على ما نقله أهل مصر عن قدمائهم واعتمدوا عليه في أمورهم] (١).

ونظرت الحكماء بمصر إلى شهور سنتها الأعجمية: وهي: توت، وبابه، وهتور، وكيهك، وطوبة، وأمشير، وبرمهات، وبرموده، وبشنس، وبئونة، وأبيب، ومسرى، فجعلوا لكل شهر منها أعمالا فلكيه رصدية لا يشرك الأول الثاني في شيء مما رسموه به على مطالع الفلك، لا يقدر أحد يدعيه في بلد سوى مصر.

فمن ذلك أول شهر من شهورهم وهو توت: كانوا لا ينصبون فيه أساساً لبناء، ويكرهون التجارة فيه إلى أن ينقضي منه عشرون يوما، ويكرهون انعقاد المودات فيه، وإن الخصومة في النصف الأول منه، يحكم بالأغلب للأعلى، وفي النصف الثاني منه يحكم بالأغلب للأدنى، وفيه يبتدئ بل (٢) الكتان، وبذر البرسيم، وتنشق الأرض عن سائر الحبوب بصعيد مصر، وتستنتج الخوالي من الشجر، وفيه يلحق جمهور الأرطاب، ويكون فيه أطيب من سائر الشهور، ويكثر فيه السفرجل والعنب الشتوي، ويرفع الخل والأشربة من الشمس، ويكبر صغار السمك، وتسمن كباره. وفي أول يوم منه النيروز المصري، يغتسل فيه بالماء البارد، ثم لا يعود إلى إقبال الصيف. وفي أول يوم منه يبتدأ بأطعمة الشتاء كالهرائس وما شاكلها وفيه كانوا يعملون شراب البحر، وهو شراب يقال له الماء والعسل، ويقصدون فيه علاج من به وجع الكلى والمثانة.

بابه: وكان حكماء مصر يحمدون التجارة فيه في الثلث الأول منه، فإن السلع تبطئ في يد أربابها في الثلثين الباقيين، ولا يحمدون انعقاد المودات فيه، وفي النصف الأول يختارون ابتداء الأبنية، ويحمدونه في النصف الأخير، ويحمدون فيه تحريك المياه واحتراق الأخلاط الردية، ومعالجة الشرور، ويحمدون التزويج فيه، وإذا بدت الخصومة فيه طالت، ويحمدون فيه بذر البرسيم أيضاً، والحبوب التي تشاكله، وفي آخره تشقق الأرض بالصعيد للقمح


(١) هذا العنوان مضاف للتوضيح وقد ورد لدى المقريزى فى الخطط ج ١ ص ٢٦٩ فى الموضع المماثل.
(٢) لدى ابن ظهيرة ص ١٣٨ وهو ينقل عن ابن زولاق «نقل» وعبارة المقريزى ج ١ ص ٢٧٣ «وفيه ينقع الكتان بالمبلات».