للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان محفوظ بن سليمان عامل خراج مصر يقول: الأرض ظئر لك وترابها ثديها، ونداها لبنها وحلفاؤها ابنها، والزرع ابنك دفعته إليها ترضعه، فإن تركتها وابنها مالت إليه بذرها، وإن أخذت منها ابنها إلى ابنك درها. قال: وهو من أحسن الكلام في العمارة، والحض على تنقية الأرض وتطييبها وإزالة وسخها.

وكان محفوظ بن سليمان من حذاق عمال الخراج، وله قصص قد شرحتها في التاريخ الكبير، وجمع المعتضد حين ولى عهد المعتمد على أبي الجيش وجوه الأموال بمصر خاصة، فكان مبلغها خمسة آلاف ألف دينار سوى الشامات، وكانت الشامات بأربعة آلاف سوى الثغور فإنه لم يذكرها، وإنما أثبت ذلك عليه لما كتب إليه أبو الجيش يذكر عجز المال.

وقال بعض علماء مصر: وكانت الخلفاء تسمى مصر سلة الخبز (١).

وقال سليمان بن وهب: لما قلدني المتوكل خراج مصر، قال لي: يا سليمان، انظر ما بين يديك، فمصر مصر، وهي سلة الخبز (٢).

وقال أبو حازم عبد الحميد بن عبد العزيز قاضى العراق: سألت أحمد بن محمد بن المدبر بالشام عن مصر، فقال: كشفتها فوجدت عامرها أضعاف غامرها (٣)، ولو اشتغل السلطان بعمارتها لوفت له بخراج الدنيا (٤).

[ذكر مقبرة مصر وفضائلها وذكر مقطمها]

فمن ذلك أن الطور المقدس من [جبلها] المقطم وهو داخل فيما وقع عليه التقديس، وهو قوله عز وجل: {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [سورة طه:١٢] (٥).

وقال كعب: كلم الله عز وجل موسى من الطور إلى طوى، فجعل المقطم من المقدس.


(١) ابن ظهيرة ص ١٢٨
(٢) المصدر السابق ص ١٢٩
(٣) غامرها: الغامر من الأرض خلاف العامر، وهو ما غمره ماء أو رمل أو تراب، وصار لا يصلح للزرع.
(٤) ابن ظهيرة ص ١٢٨
(٥) ابن ظهيرة ص ١٠٨ وما بين حاصرتين منه.