للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما خليج الفيوم وخليج المنهي فحفرهما يوسف عليه السلام، وأما خليج سردوس فحفره هامان لفرعون، وقدر لحفره مائة ألف دينار، فأتاه أهل القرى وسألوه أن يعدل به إليهم فأعطوه مالا فلذلك كثرت عطوفة فلما فرغ منه أتى إلى فرعون فأخبره بفراغه، فقال: كم أنفقت عليه؟ فقال: مائة ألف دينار أعطانيها أصحاب القرى، فقال: لهممت بضرب عنقك! آخذ من عبيدي مالا على منافعهم؟ ورد على الناس مثل ما أعطوه (١).

قال الحسن بن إبراهيم: هذه الخلج للجاهلية.

ولما كان عام الرمادة (٢) أجدبت (٣) المدينة فكتب عُمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص: من عمر بن الخطاب إلى العاصي بن العاصي: واغوثاه! واغوثاه! ما تبالي إذا سمنت ومن قبلك أن أعجف أنا ومن قبلي (٤).

فكتب إليه عمرو: لبيك، لبيك، أتتك عير أولها عندك وآخرها عندي مع أني لا أخلي البحر من شيء. ثم ندم عمرو على ذكر البحر، وقال: أفتح على مصر باباً لا يسد، فكتب إليه يعتذر في أمر البحر (٥).

فكتب إليه عمر: أما بعد فإن الكلمة التي فاهت منك ندمت عليها والله لئن لم ترسل في البحر لأرسلن إليك من يقتلعك أذنيك (٦).

فعلم عمرو أنه الجد من عمر، فأرسل إليه في البحر، شيئاً، وكتب إليه يذكر بعده منه فكتب إليه عمر: [عرفني كم بينك وبين البحر؟ فكتب إليه: مسيرة ليلتين فكتب إليه]: احفر من النيل إليه، ولو أنفقت عليه جميع مال مصر (٧).


(١) المصدر السابق.
(٢) الرمادة: الهلكة، وعام الرمادة: عام أصاب الناس فيه جدب وقحط فى عهد عمر بن الخطاب آخر سنة ١٧ وأول سنة ١٨ هـ‍.
(٣) أجدبت: صارت يابسة لاحتباس المطر عنها.
(٤) ابن ظهيرة ص ١١٣
(٥) المصدر السابق.
(٦) نفس المصدر.
(٧) نفس المصدر وما بين حاصرتين منه.