وكيفما كان الأمر فقد استهل ابن زولاق عرضه لأخبار مصر وفضائلها بآيات من القرآن الكريم جاء فيها ذكر مصر من مثل قوله تعالى:{اِهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ}[سورة البقرة:٦١] وقوله تعالى حكاية عن فرعون وافتخاره بمصر: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي}[سورة الزخرف:٥١].
وسار ابن زولاق على النهج نفسه فى روايته لأحاديث الرسول الكريم التى ورد فيها ذكر مصر، ونقتبس منها حديثا روى عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم يوصى فيه صحابته بقبط مصر:«ستفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بقبطها خيرا، فإن لكم منهم ذمة ورحما» إذ كانت هاجر زوج إبراهيم الخليل عليه السّلام وأم ولده إسماعيل منهم، كما كانت مارية القبطية زوج الرسول صلّى الله عليه وسلّم منهم أيضا.
وقد حافظت السلطات العربية فى مصر على هذا العهد، ففى دراسات ابن زولاق عن علاقة المسلمين بالأقباط، أن ولاة مصر شاركوا الأقباط فى الاحتفال بوفاء النيل كل عام، ذلك الاحتفال الذى ظل منذ عهد الفراعنة إلى الآن، لأن النيل مصدر ثروة مصر ورخائها.
وغدا هذا الاحتفال مناسبة طيبة للتقارب بين الأقباط وبين أولى الأمر فى مصر.
ومن نماذج روايات ابن زولاق فى هذا الجانب كذلك ما أشار إليه من أن الحسين بن على لما اجتمع مع معاوية، قال له الحسين: إن أهل حفن بصعيد مصر، وهى قرية مارية أم إبراهيم، فاسقط عن أهلها الخراج إكراما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأسقطه عنهم.
كما أشاد ابن زولاق بمصر وبأهلها فى الجانب المرتبط بالرسل والأنبياء ودعائهم لمصر، وكذلك أشاد بموقف وزراء مصر فى القديم، وبين أن الله سبحانه أثنى عليهم فى كتابه الكريم لأنهم قدموا النصح لفرعون، وذلك على العكس من وزراء نمرود الذين حرضوه على البغى والقتل حين شاورهم فى أمر إبراهيم عليه السّلام فقالوا: حرّقوه وانصروا آلهتكم.