أما إشادته بالسحرة الذين أحضرهم فرعون لموسى فقد بلغت حد الإعجاب حيث يقول:«آمنوا كلهم فى ساعة واحدة، ولا يعلم من آمن فى ساعة واحدة أكثر من هذا» وبلغ من نبل أهل مصر فى القديم أنه لم يفتن بعبادة العجل أحد من أهلها.
وعالج ابن زولاق فى ضوء هذا المنهج من كان بمصر من فلاسفة الإغريق، فأشاد ببلده مصر حين ذكر أن هؤلاء الفلاسفة والعلماء سكنوا مصر فى العصور السالفة، ووضعوا مؤلفات فى الفلك والهندسة والطبيعة والطب وغيرها فما غيرت أذهانهم ولا أضرت بعقولهم.
كما أشاد بعد ذلك بمن أنجبته مصر من الفقهاء والعلماء فجعل يزيد بن أبى حبيب فى قمة فقهاء وعلماء مصر وقتئذ.
أما سعيد بن عفير، ويحيى بن عثمان، وابن قديد فقد جعلهم ابن زولاق من أعلام المؤرخين البارزين فى القرن الثالث الهجرى.
كما أشاد بمن نبغ من مؤرخى مصر فى العصر الإخشيدى كأحمد بن يوسف الكاتب المعروف بابن الداية، وأبى سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى، وأبى عمر محمد بن يوسف الكندى.
كما أوضح اعتزازه واعتزاز مواطنيه ببلدهم مصر فى التنويه بشأنها بذكر من وفد إليها من العلماء والخلفاء والشعراء.
وكان مركز الحركة العلمية الدينية فى مصر وقلبها الناهض فى ذلك العهد، جامع عمرو بن العاص، فكان ملتقى العلماء وإليه يفد الطلاب لتلقى العلم، كما كثر الوافدون إلى مصر من شتى الأمصار الإسلامية بغية الرواية عن علماء مصر.
وانتقل ابن زولاق من الإشادة بعلماء مصر إلى الإشادة بمصر وما تميزت به عن غيرها من الأمصار، فذكر ما قاله الصحابة فى شأنها من أنها خزانة الأرض كلها، ثم أشار إلى ما تميزت به مصر من طيب هوائها ونقاء جوها وما يتمتع به أهلها من سلامة وأمن يكاد ينعدم فى الأمصار الأخرى.