وفي الدراسات التى تناول فيها ابن زولاق الثغور في مصر، أوضح أن السلطات فى العاصمة اهتمت بها منذ الفتح الإسلامى لمصر، نظرا لأهمية موقعها وضرورة الدفاع عنها، وأن عمرو بن العاص كان يؤكد على هذا فى خطابه السنوى لأهل مصر بقوله: واعلموا أنكم فى رباط إلى يوم القيامة لكثرة الأعداء حولكم، وتشوف قلوبهم إليكم وإلى داركم معدن الزرع والمال، والخير الواسع والبركة النامية.
على أن الأمر الجدير بالملاحظة أن معظم هذه الثغور كان يقع على ساحل بحر الروم مما يؤكد يقظة السلطات فى العاصمة واهتمامها بدرء الخطر الذى يمكن أن يتهدد مصر من هذا الجانب.
وقد استرعى نظر ابن زولاق خصوبة أرض وطنه وما تفيض به هذه الأرض من خير ونماء، ومن ثم جمع جمهرة من الأقوال التاريخية التى تشيد بهذه الظاهرة وكيف أن هذه الأقوال تنطبق على كل عصر حتى أيامه في القرن الرابع الهجرى.
فروى فى هذا الموضوع قول عبد الله بن عمرو فى وصف مصر: من أراد أن ينظر إلى مثل الفردوس فى الدنيا فلينظر إلى أرض مصر حين يخضر زرعها وتطّرد أنهارها وتنور ثمارها.
ويمثّل هذا الاستشهاد-وما أشبهه مما ساقه ابن زولاق فى هذا الموضوع- روح الوطنية المؤمنة بمجد وطنه التليد.
وصور ابن زولاق فى دراسته فى هذا الميدان حياة الريف فى مصر قديما وعند دخول العرب مصر، ثم بعد استقرار الفتح العربى للبلاد، وأثبت أن ريف مصر لم يفقد روعته وبهاءه فى كل مراحله.
وتناول ابن زولاق موضوعا طريفا فى هذا الميدان تحدث فيه عن تربية العرب فى مصر للخيول التيى جلبوها معهم، وحرصهم على معرفة أنسابها.
وتجلى اعتزازه واعتزاز مواطنيه بخيل مصر بما حكاه أهل العلم والخبرة فى هذا الشأن من أن الوليد بن عبد الملك بن مروان لما أراد أن يجرى الخيل، كتب إلى كل بلد أن يتخير له خيار الخيل بها، فلما اجتمعت عنده عرضت عليه،