للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: إسكندرية وعجائبها، ومنارتها طولها مائتا ذراع وثمانون ذراعا، وفيها المرآة التي يرى فيها كل من يمر بالقسطنطينية.

وبها الملعب الذي كانوا يجتمعون فيه، لا يرى أحد منهم شيئاً دون صاحبه، وليس لأحد سر دون صاحبه من نظر أو سماع، البعيد والقريب فيه سواء (١).

وكان بها عيد يعمل كل سنة يترامون فيه بالأكرة، فمن وقعت في كمه ترشح للملك، وكتب أسمه، ومن هذا كان سبب ولاية عمرو بن العاص، لأنه حضر هذا العيد في الجاهلية، وكان عمرو في النظارة، فوقعت الأكرة في كمه، فعجبت الروم والقبط من ذلك، وقالوا: وأنى لهذا العربي يملك مصر! فلم يزل ذلك في نفسه إلى أن كان من أمره ما كان (٢). وقد شرحت ذلك في التاريخ، وفي أخبار عمرو.

وكان لهم عيد يعمل بالإسكندرية، يعمل في كل مائة سنة. حضره كعب ابن عدي العبادي قال: قدمت الإسكندرية فوافقت عيدا لهم يكون على رأس مائة سنة، فهم يجتمعون فيه يصنعون ما يصنعون من لهوهم ولعبهم، فلما فرغوا قام فيهم مناد على منبر، فناداهم: أيها الناس، أيكم أدرك عيدنا الماضي، فليخبرنا، أيهما أفضل، فلم يجبه أحد حتى ردد القول فيهم، فقال: اعلموا أنه ليس أحد يدرك عيدنا المقبل، كما لم يدرك هذا العيد من شهد العيد الماضي. فيكون ذلك موعظة، ويكثر فيهم الاعتبار والأسف (٣).

وفي الإسكندرية السواري والمسلتان (٤).

وعجائبها أكثر من أن تحصى، وخليجها مبلط بالرخام من أوله إلى آخره.

وذكر بعض العلماء أنه كشف الطوال الأعمار، فلم يجد أطول عمراً من سكان مريوط-كورة من كور الإسكندرية-وكانت لشدة بياضها لا يكاد يبين فيها


(١) المصدر السابق ص ٥٧
(٢) الولاة للكندى ص ٢٩، وابن ظهيرة ص ٥٧
(٣) ابن حجر: الإصابة ج ٥ ص ٦٠٥، وابن ظهيرة ص ٥٧
(٤) ابن ظهيرة ص ٥٨