ففعلها والمداومة عليها بدعة وضلالة من وجهين: من حيث اعتقاد المعتقد أن ذلك مشروع مستحب أي يكون فعله خير من تركه مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يفعله البتة فيبقى حقيقة هذا القول إنما فعلناه أكمل وأفضل مما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد سأل رجل مالك بن أنس عن الإحرام قبل الميقات فقال: أخاف عليك الفتنة. فقال له السائل: أي فتنة في ذلك؟ وإنما زيادة أميال في طاعة الله عز وجل.
قال: وأي فتنة أعظم من أن تظن في نفسك أنك خصصت بفضل لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد ثبت في الصحيحين أنه قال:(من رغب عن سنتي فليس مني) فأي من ظن أن سنة أفضل من سنتي فرغب عما سنيته معتقداً أنما رغب فيه أفضل مما رغب عنه فليس مني، لأن خير الكلام كلام الله وخير الهدى هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -) كما في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يخطب بذلك يوم الجمعة.
فمن قال: إن هدي غير محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل من هدي محمد فهو مفتون بل ضال، قال الله تعالى - إجلالاً له وتثبيت حجته على الناس كافة -:
وهو - صلى الله عليه وسلم - قد أمر المسلمين باتباعه، وأن يعتقدوا وجوب ما أوجبه واستحباب ما أحبه وأنه لا أفضل من ذلك فمن لم يعتقد هذا فقد عصى أمره، وفي صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:(هلك المتنطعون - قالها ثلاثاً -) أي المشددون في غير موضع التشديد، وقال أبي بن كعب وابن مسعود: اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة] (١).