للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [وهؤلاء المعارضون يقولون: ليست كل بدعة ضلالة، والجواب: أما أن القول: (أن شر الأمور محدثاتها وأن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) والتحذير من الأمور المحدثات: فهذا نص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يحل لأحد أن يدفع دلالته على ذم البدع ومن نازع في دلالته فهو مراغم - أي مكابر معاند - وأما المعارضات: فالجواب عنها بأحد جوابين.

إما بأن يقال: ما ثبت حسنه فليس من البدع، فيبقى العموم محفوظاً لا خصوص فيه.

وإما أن يقال: ما ثبت حسنه فهو مخصوص من هذا العموم فيبقى العموم محفوظاً لا خصوص فيه.

وإما أن يقال: ما ثبت حسنه فهو مخصوص من العموم والعام المخصوص دليل فيما عدا صورة التخصيص، فمن اعتقد أن بعض البدع مخصوص من هذا العموم احتاج إلى دليل يصلح للتخصيص وإن كان ذلك العموم اللفظي المعنوي موجباً للنهي.

ثم المخصص: هو الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع نصاً واستنباطاً وأما عادة بعض البلاد أو أكثرها وقول كثير من العلماء أو العباد أو أكثرهم ونحو ذلك: فليس مما يصلح أن يكون معارضاً لكلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يعارض به.

ومن اعتقد أن أكثر هذه العادات المخالفة للسنن مجمع عليها بناء على أن الأمة أقرتها ولم تنكرها فهو مخطئ في هذا الاعتقاد، فإنه لم يزل ولا يزال في كل وقت من ينهى عن عامة العادات المحدثة المخالفة للسنة ولا يجوز دعوى إجماع بعمل بلد أو بلاد من بلدان المسلمين فكيف بعمل طوائف منهم؟ وإذا كان أكثر أهل العلم لم يعتمدوا عليهم عمل علماء أهل المدينة وإجماعهم في عصر مالك بل رأوا السنة حجة عليه كما هي حجة على غيرهم مع ما أوتوه من العلم والإيمان فكيف يعتمد المؤمن العالم على عادة أكثر من اعتادها عامة أو من قيدته العامة أو قوم مترئسون بالجهالة

<<  <   >  >>