للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥. لا تعارض بين قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) رواه مسلم، وبين قوله - صلى الله عليه وسلم -: (كل بدعة ضلالة)، فإنه لا يمكن أن يصدر عن الصادق المصدوق قول يكذب قولاً آخر له ولا يمكن أن يتناقض كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبداً وبيان دفع التعارض بين الحديثين أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من سن في الإسلام) والبدع ليست من الإسلام، ويقول: (حسنة) والبدعة ليست بحسنة وفرق بين السن والابتداع.

ويمكن أن يقال إن معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من سن) أي من أحيا سنة كانت موجودة فعدمت فأحياها وعلى هذا فيكون " السن " إضافياً نسبياً كما تكون البدعة إضافية نسبية لمن أحيا سنة بعد أن تركت.

ويمكن أن يقال أيضاً إن سبب ورود الحديث: (من سن) وهو قصة النفر الذين وفدوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وكانوا في حالة شديدة من الضيق فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى التبرع لهم فجاء رجل من الأنصار بصرة من فضة كادت تثقل يده فوضعها بين يدي الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فجعل وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - يتهلل من الفرح والسرور وقال: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) فهنا يكون معنى " السن " سن العمل تنفيذاً وليس سن العمل تشريعاً فصار معنى (من سن في الإسلام سنة حسنة) من عمل بها تنفيذاً لا تشريعاً لأن التشريع ممنوع (١).

وأما الجواب عن تسمية ابن عمر لصلاة الضحى جماعةً بدعة فيقال: (إنما أنكر ابن عمر ملازمتها وإظهارها في المسجد وصلاتها جماعةً لا أنها مخالفة للسنة فصلاة الضحى ثابتة في السنة لا شك في ذلك ولا ريب (٢).


(١) المصدر السابق ص ١٨ - ٢٠ بتصرف.
(٢) فتح الباري ٣/ ٢٩٥، وانظر شرح النووي على صحيح مسلم ٢/ ٣٤٣، ٣/ ٣٨٢.

<<  <   >  >>