للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدعة وإن كان الشرع قد حث على الجماعة وعلى صلاة الجماعة وأن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد (١).

فقد يكون الفعل طاعة وعبادة في وقت ولا يكون كذلك في وقت آخر قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: [وليس ما كان قربة في عبادة يكون قربة في غيرها مطلقاً. فقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -: (رجلاً قائماً في الشمس فسأل عنه، فقيل: إنه نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل وأن يصوم فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقعد ويستظل وأن يتم صومه) فلم يجعل قيامه وبروزه في الشمس قربة يوفى بنذرهما وقد روى أن ذلك كان في يوم جمعة عند سماع خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر فنذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ما دام النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب إعظاماً لسماع خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك قربة يوفى بنذره مع أن القيام عبادة في مواضع أخرى كالصلاة والأذان والدعاء بعرفة والبروز للشمس قربة للمحرم فدل على أنه ليس كل ما كان قربة في موطن يكون قربة في كل المواطن وإنما يتبع في ذلك كله ما وردت به الشريعة في مواضعها وكذلك من تقرب بعبادة نهى عنها بخصوصها كمن صام يوم العيد أو صلى وقت النهي] (٢).

وقال الحافظ المقدسي - أبو شامة -: [وأما القسم الثاني: الذي يظنه معظم الناس طاعة وقربة إلى الله تعالى وهو بخلاف ذلك أو تركه أفضل من فعله فهذا الذي وضعت هذا الكتاب لأجله وهو ما قد أمر الشرع به في صورة من الصور في زمان مخصوص أو مكان معين كالصوم بالنهار والطواف بالكعبة أو أمر به شخص دون غيره كالذي اختص به النبي - صلى الله عليه وسلم - من المباحات والتخفيفات فيقيس الجاهل نفسه عليه فيفعله وهو منهي عن ذلك ويقيس الصور بعضها على بعض ولا يفرق بين الأزمنة والأمكنة ويقع ذلك من بعضهم بسبب الحرص على الآثار من إيقاع العبادات والقرب والطاعات


(١) انظر فتاوى الألباني ص ٤٩ - ٥٠.
(٢) جامع العلوم والحكم ص ٨٢ - ٨٣.

<<  <   >  >>