فيحملهم ذلك الحرص على فعلها في أوقات وأماكن نهاهم الشرع عن إيجاد تلك الطاعات فيها.
ومنها ما هو محرم ومنها ما هو مكروه ويورطهم الجهل وتزيين الشيطان في أن يقولوا هذه طاعات قد ثبتت في غير هذه الأوقات فنحن نفعلها أبداً فإن الله تعالى لا يعاقبنا على طاعة قد أمرنا بها وحثنا عليها وندبنا إلى الاستكثار منها وهذا مثل صلواتهم في الأوقات المكروهة للصلاة وهي خمسة أوقات أو ستة معلومة عند الفقهاء. ثبت نهي الشرع عن الصلاة فيها وكصومهم في الأيام المنهي عن الصوم فيها كصوم يومي العيد ويوم الشك وأيام منى التشريق وكوصالهم في الصيام الذي هو من خصائص المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وقد اشتد نكيره - صلى الله عليه وسلم - على من تعاطى ذلك فهؤلاء وأمثالهم متقربون إلى الله تعالى بما لم يشرعه بل نهى عنه:(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ).
وما أحسن ما قال ولي الله أبو سليمان الداراني رحمه الله تعالى: ليس لمن ألهم شيئاً من الخير أن يعمل به حتى يسمعه من الأثر فإذا سمعه من الأثر عمل به وحمد الله تعالى حين وافق ما في قلبه. وقال أيضاً - رحمه الله -: ربما يقع في قلبي النكتة من نكت القوم أياماً فلا أقبلها إلا بشاهدين عدلين: الكتاب والسنة.
وقال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في كتاب " الإحياء ": من توجه عليه رد وديعة في الحال فقام وتحرم بالصلاة التي هي أقرب القربات إلى الله تعالى عصى به فلا يكفي في كون الشخص مطيعاً كون فعله من جنس الطاعات ما لم يراع فيه الوقت والشرط والترتيب واغتر بعض الجهال المتعلمين منهم بقوله تعالى: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ). وظن أن هذا يقتضي عموم السجود في جميع الأوقات وان كل سجود على الإطلاق يحصل به القرب من الله تعالى وهو قرب الكرامة واعتضد بما جاء قبل ذلك من التعجيب والإنكار في قوله تعالى:(أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى) وغفل عن