للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الأمانة أيضاً: أمانة الولاية وهي أعظمها مسؤولية، الولاية العامة والولايات الخاصة، فالسلطان مثلاً الرئيس الأعلى في الدولة، أمين على الأمة كلها، على مصالحها الدينية ومصالحها الدنيوية، على أموالها التي تكون في بيت الماس، لا يبذرها، ولا ينفقها في غير مصلحة المسلمين وما أشبه ذلك.

وهناك أمانات أخرى دونها، كأمانة الوزير مثلاً في وزارته، وأمانة الأمير في منطقته، وأمانة القاضي في عمله، وأمانة الإنسان في أهله، المهم أن الأمانة باب واسعٌ جداً وأصلها أمران:

أمانة في حقوق الله: وهى أمانة العبد في عبادات الله عزّ وجلّ.

وأمانة في حقوق البشر" وهي كثيرة جداً، وقد أشرنا إلى شيء منها، وكلها يؤمر الإنسان بأدائها: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) ، تأمل هذه الصيغة (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ) صيغة قوة وسلطان لم يقل: أدوا الأمانة، ولم يقل: إني آمركم ولكن قال: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ) بأمركم بألوهيته العظيمة، يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، فأقام الخطاب مقام الغائب تعظيماً لهذا المقام ولهذا الأمر، وهذا كقول السلطان - ولله المثل الأعلى - إن الأمير يأمركم، أن الملك يأمركم، فذها أبلغ وأقوى من قوله: إني آمركم كما قال ذلك علماء البلاغة.

(أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) ومن لازم الأمر بأداء الأمانة إلى أهلها الأمر بأداء الأمانة إلى أهلها؛ الأمر بحفظها؛ لأنه لا يمكن أداؤها إلى أهلها إلا بحفظها. وحفظها إلا يتعدى فيها ولا يفرك، بل يحفظها حفظاً تاماً ليس فيه تعدّ ولا تفريط، حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>