فذكر رضي الله عنه ما حدثه به النبي صلى الله عليه وسلم من نزع الأمانة من قلوب الرجال، فقوله صلى الله عليه وسلم:"إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال" يعني في أصلها، ثم أنزل عليهم من القرآن والسنة ما يثبت ويؤيد هذا الأصل، فجاء القرآن والسنة مؤيداً الفطرة التي فطر الناس عليها، وعلموا من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فازدادوا بذلك إيماناً وثباتاً وأداءً للأمانة.
ولكن أخبر بالحديث الثاني أن هذه الأمانة سوف تنزع من قلوب الرجال والعياذ بالله، تنزع فيصبح الناس يتحدثون أن في بني فلان رجلاً أميناً، يعني أنك لا تكاد تجد في القبيلة رجلاً واحداً أميناً، والباقي كلهم على خيانة، لم يؤدوا الأمانة.
ولقد شاهد الناس اليوم مصداق هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنك تستعرض الناس رجلاً رجلاً حتى تبلغ إلى حدّ المائة أو المئات، لا تجد الرجل الأمين الذي أدى الأمانة كما ينبغي في حق الله ولا في حقِّ الناس.
قد تجد رجلاً أميناً في حق الله، ويؤدي الصلاة، ويؤدى الزكاة، ويصوم، يحج، يذكر الله كثيراً، يسبح، لكنه في المال ليس أميناً، إن وكل إليه عملٌ حكومي فرط وصار لا يأتي للدوام إلا متأخراً، ويخرج قبل انتهاء الوقت، ويضيع الأيام الكثيرة في أشغاله الخاصة، ولا يبالي، مع أنك تجده في مقدمة الناس في المساجد، وفي الصدقات، وفي الصيام، وفي الحج، لكنه ليس أميناً من جهة أخرى.
كذلك تجد الرجل أميناً في عبادة الله، يقيم الصلاة، ويؤتى الزكاة ويصوم، ويحج، ويتصدق، لكنه ليس أميناً في وظيفته، يعرف أنه لا يجوز