في هذا الحديث أقسم النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدق بغير قسم. أقسم أن الحقوق ستؤدى على أهلها يوم القيامة، ولا يضيع لأحد حقٌ، الحق الذي لك إن لم تستوفه في الدنيا استوفيته في الآخرة ولابد، حتى إنه يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء.
الجلحاء: التي ليس لها قرن.
والقرناء: التي لها قرن. والغالب أن التي لها اقرن إذا ناطحت الجلحاء التي ليس لها قرن تؤذيها أكثر، فإذا كان يوم القيامة قضى الله بين هاتين الشاتين، واقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء.
هذا وهي بهائم لا يعقلن ولا يفهمن؛ لكن الله عزّ وجلّ حكم عدل، أراد أن يُري عباده كمال عدله حتى في البهائم العجم، فكيف ببني آدم!!
وفي هذا الحديث دليلٌ على أن البهائم تُحشر يوم القيامة وهو كذلك، وتحشر الدوابّ، وكل ما فيه روح يحشر يوم القيامة، قال الله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)(الأنعام: ٣٨) ، أمم كثيرة، أمة الذر، أمة الطيور، أمة السباع، أمة الحيّات وهكذا (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)(الأنعام: ٣٨) .
وكل شيء مكتوب، حتى أعمال البهائم والحشرات مكتوبة في اللوح المحفوظ (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) ، وقال تعالى:(وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ)(وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ)(التكوير: ٤-٥) ، يحشر يوم القيامة كل شيء، يقضى الله تعالى بينهم بحكمه وعدله، وهو السميع