الوفود إلى المدينة وجدوا النبي صلي صلى الله عليه وسلم ولم يتعبوا في طلبه ويحلقونه يميناً وشمالاً، فلم يحجّ في السنة التاسعة لتلقي الوفود. هذا من وجه.
ومن وجه آخر: في السنة التاسعة حجَّ مع المسلمين المشركون؛ لأنهم لم يمنعوا من دخول مكة، ثم منعوا من دخول مكة، وانزل الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا)(التوبة: ٢٨) ، وأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. وكان أمير الناس في تكل الحجة- أعني حجة سنة تسع- أبا بكر رضي الله عنه- ثم أردفه النبي صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب، وأعلن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيحج، وقدم المدينة بشرٌ كثير يقدّرون بنحو مائة ألف، والمسلمون كلهم مائه وأربعة وعشرون ألفاً، أي لم يتخلف عن المسلمين إلا القليل، فحجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحجة التي سميت" حجة الوداع"؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ودّع الناس فيها بقوله:" لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا" فصار الأمر كذلك، فإنه تُوفي بعد رجوعه من المدينة في ربيع الأول، أي بعد حجه. فمضي محرم وصفر وأثنا عشر يوماً من ربيع الأول صلوات الله وسلامه عليه.
كان صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يخطب الناس. فخطبهم في عرفة، وخطبهم في منى، فذكر المسيح الدجال، وعظّم من شأنه، وحذر منه تحذيراً بالغاً، وفعل ذلك أيضاً في المدينة، ذكر الدجال وحذر منه، وبالغ في شأنه، حتى قال الصحابة: كنا نظنُّ أنه في أفراخ النخل أي قد جاء ودخل، من شدة قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه، ثم أخبر عليه الصلاة والسلام أنه ما من نبي إلا