للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له من فوق ومن تحت، لا أحد عليه يتجرأ.

قال أهل العلم: ولو كان عند جارك شجرة، فامتدت أغصانها إلى أرضك، وصار الغصن على أرضك، فإن الجار يلويه عن أرضك، فإن لم يمكن ليه فإنه يقطع، إلا بإذن منك وإقرار؛ لأن الهواء لك وهو تابع للقرار.

أما حديث أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه - فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله ليملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته" يملي له: يعني يُمهل له حتى يتمادى في ظلمه والعياذ بالله، فلا يعالجه العقوبة، وهذا من البلاء نسأل الله أن يعيذنا وإياكم. فمن الاستدراج أن يملى للإنسان في ظلمه، فلا يعاق له سريعاً حتى تتكدس عليه المظالم، فإذا أخذه الله لم يفلته، أخذه أخذ عزيز مقتدر. ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود: ١٠٢) .

فعلى الإنسان الظالم أن لا يغتر بنفسه ولا بإملاء الله له، فإن ذلك مصيبة فوق مصيبته؛ لأن الإنسان إذا عوقب بالظلم عادلاً، فربما يتذكر ويتعظ ويدع الظلم، لكن إذا أملي له واكتسب آثاماً أو ازداد ظلماً، ازدادت عقوبته والعياذ بالله فيؤخذ على غرة، حتى إذا أخذه الله لم يفلته، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الاعتبار بآياته وأن يعيذنا وإياكم من ظلم أنفسنا ومن ظلم غيرنا، إنه جواد كريم.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>