ولم يتقبل من الآخر، فقال الثني الذي لم يتقبل منه لأخيه: لأقتلنك، لماذا يتقبل الله منك ولا يتقبل مني؟ حسده على فضل الله تعالى عليه، فقال له ربه:(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)(المائدة: ٢٧) ، يعني اتق الله ويقبل الله منك، كلن من توعد أخاه بالقتل فليس بمتقٍ لله. وفي النهاية قتله والعياذ بالله (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)(المائدة: ٣٠) ، خسر- والعياذ بالله- بهذه الفعلة الشنيعة التي أقدم عليها.
ويقال: إنه بقي يحمل أخاه الذي قتله أربعين يوماً على ظهره، ما يدرى ماذا يفعل به، لأن القبور لم تعرف في ذلك لوقت، فبعث الله غراباً يبحث في الأرض، يعني بأظفاره ليريه كيف يواري سوأة أخيه، وقيل إن غرابين أقتتلا فقتل أحدهما الآخر، فحفر أحدهما للثاني فدفنه، فاقتدى به هذا القاتل ودفن أخاه، وهذا من العجائب ا، تكن الغربان هي التي علمت بني آدم الدفن.
فالحاصل: أن كل نفس تقتل بغير حق؛ فعلى القاتل الأول من إثمها نصيب والعياذ بالله. وهكذا أيضاً من سنّ القتل بعد أمن الناس وصار يغتال الناس وما أشبه ذلك، وتجرأ الناس على هذا من أجل فعله، فإن عليه من الإثم نصيباً؛ لأنه هو الذي كان سبباً في انتهاك هذا، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم الدين. نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من دُعاة الخير وفاعليه. إنه جواد كريم.