وإذا كان الإنسان من طبيعته التقصير والنقص والعيب؛ فإن الواجب على المسلم نحو أخيه أن يستر عورته ولا يشيعها إلا من ضرورة. فإذا دعت الضرورة إلى ذلك فلابد منه، لكن بدون ضرورة فالأولى والأفضل أن يستر عورة أخيه؛ لأن الإنسان بشر ربما يخطئ عن شهوة ـ يعني عن إرادة سيئة ـ أو عن شبهة، حيث يشتبه عليه الحق فيقول بالباطل أو يعمل به، والمؤمن مأمور بأن يستر عورة أخيه.
هب أنك رأيت رجلاً على كذب وغش في البيع والشراء؛ فلا تفش ذلك بين الناس؛ بل أنصحه واستر عليه، فإن توفق واهتدى وترك ما هو عليه؛ كان ذلك هو المراد، وإلا وجب عليك أن تبين أمره للناس؛ لئلا يغتروا به.
وهب أنك وجدت إنساناً مبتلى بالنظر إلى النساء، ولا يغض بصره، فاستر عليه، وانصحه وبين له أن هذا سهم من سهام إبليس؛ لأن النظر - والعياذ بالله - سهم من سهام إبليس يصيب به قلب العبد، فإن كان عنده مناعة، اعتصم بالله من هذا السهم الذي ألقاه الشيطان في قلبه، وإن لم يكن عنده مناعة؛ أصابه السهم، وتدرج به إلى أن يصل إلى الفحشاء والمنكر والعياذ بالله يكون أشد عذاباً.
فما دام الستر ممكنا، ولم يكن في الكشف عن عورة أخيك مصلحة راجحة أو ضرورة ملحة، فاستر عليه ولا تفضحه.
ثم أستدل المؤلف ـ رحمه الله ـ بقول الله تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)[النور: من الآية١٩] .