ومثال ذلك في أيام الآخرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع في أهل الموقف ليُقضى بينهم، حين يصيبهم من الكرب والغم ما لا يطيقون، فهذه شفاعة في دفع مضرة.
ومثالها في جلب منفعة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة.
والمراد بالشفاعة في كلام المؤلف: الشفاعة في الدنيا؛ وهي أن يشفع الإنسان لشخص عند آخر؛ يتوسط له بجب المنفعة له أو دفع المضرة عنه.
والشفاعة أقسام:
القسم الأول: شفاعة محرمة لا تجوز، وهي أن يشفع لشخص وجب عليه الحدّ بعد أن يصل إلى الإمام، فإن هذه الشفاعة محرمة لا تجوز؛ مثال ذلك: رجل وجب عليه حدّ في قطع يده في السرقة، فلما وصلت إلى الإمام أو نائب الإمام؛ أراد إنسان أن يشفع لهذا السارق ألا تقطع يده، فهذا حرام أنكره النبي عليه الصلاة والسلام إنكاراً عظيماً.
وذلك حينما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تقطع يد المرأة المخزومية، امرأة من بني مخزوم من أشراف قبائل العرب، كانت تستعير الشيء ثم تجحده، أي تستعيره لتنتفع به ثم تنكر بعد ذلك أنها استعارت شيئاً، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها؛ فاهتمت لذلك قريش، قالوا: امرأة من بني مخزوم وتقطع يدها؟ هذا عار كبير، من يشفع لنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأوا أن أقرب الناس لذلك أسامة بن زيد بن الحارثة.