الإنسان ينبغي له عند الإصلاح أن يتنازل عما في نفسه، وأن لا يتبع نفسه؛ لأنه إذا اتبع نفسه فإن النفس شحيحة، ربما يريد الإنسان أن يأخذ بحقه كاملاً، وإذا أراد الإنسان أن يأخذ بحقه كاملاً؛ فإن الصلح يتعذر؛ لأنك إذا أردت أن تأخذ بحقك كاملاً وأراد صاحبك أن يأخذ بحقه كاملاً؛ لم يكن إصلاحاً.
لكن إذا تنازل كل واحد منكما عما يريد وغلب شحّ نفسه؛ فإنه يحصل الخير ويحصل الصلح، وهذا هو الفائدة من قوله تعالى:(وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ) بعد قوله: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) ، وقال تعالى:(وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا)[الحجرات: ٩] ، فأمر الله عز وجل بالإصلاح بين المتقاتلين من المؤمنين.
والحاصل أن الإصلاح كله خير، فعليك يا أخي المسلم إذا رأيت شخصين متنازعين متباغضين متعاديين؛ أن تصلح بينهما؛ لتنال الخير الكثير، وابتغ في ذلك وجه الله وإصلاح عباد الله حتى يحصل لك الخير الكثير كما قال الله تعالى:(وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)[النساء: ١١٤] .
أسأل الله أن يجعلني وإياكم من الصالحين المصلحين.
* * *
١/٢٤٨ ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقه، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى